الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ }

اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قراء الحجاز والمدينة والبصرة: { مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ } بضم الياء وفتح الراء، بمعنى: من يصرف عنه العذاب يومئذ. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة «مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ» بفتح الياء وكسر الراء، بمعنى: من يصرف الله عنه العذاب يومئذ. وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي، قراءة من قرأه: «يَصْرِفْ عَنْهُ» بفتح الياء وكسر الراء، لدلالة قوله: { فَقَدْ رَحِمَهُ } على صحة ذلك، وأن القراءة فيه بتسمية فاعله. ولو كانت القراءة في قوله: { مَنْ يُصْرَفُ } على وجه ما لم يسمّ فاعله، كان الوجه في قوله: { فَقَدْ رَحِمَهُ } أن يقال: «فقد رُحِم» غير مسمى فاعله وفي تسمية الفاعل في قوله: { فَقَدْ رَحِمَهُ } دليل على بين أن ذلك كذلك في قوله: { مَنْ يَصْرِفُ عَنْهُ }. وإذ كان ذلك هو الوجه الأولى بالقراءة، فتأويل الكلام: { مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ } من خلقه { يَوْمِئِذٍ } عذابه { فَقَدْ رَحِمَهُ وذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ المُبِينُ }. ويعني بقوله: { ذَلِكَ }: وصرف الله عنه العذاب يوم القيامة، ورحمته إياه { الفَوْزُ } أي النجاة من الهلكة والظفر بالطلبة { المُبِينُ } يعني الذي بين لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطلبة. وبنحو الذي قلنا في قوله: { مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ } قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله { مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } قال: من يصرف عنه العذاب.