الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

وهذا إعلام من الله تعالى ذكره ما أنعم به عليهم من فضله، وتنبيه منه لهم على موضع إحسانه، وتعريف منه لهم ما أحلّ وحرّم وقسمَ في أموالهم من الحقوق لمن قسم له فيها حقًّا. يقول تعالى ذكره: وربكم أيها الناس { أنْشَأ }: أي أحدث وابتدع خلقاً، لا الآلهة والأصنام، { جَنَّاتٍ } يعني: بساتين، { مَعْرُوشاتٍ } وهي ما عرش الناس من الكروم، { وغيرَ مَعْرُوشاتٍ }: غير مرفوعات مبنيات، لا ينبته الناس ولا يرفعونه، ولكن الله يرفعه وينبته وينميه. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { مَعْرُوشاتٍ } يقول: مسموكات. وبه عن ابن عباس: { وَهُوَ الَّذِي أنْشأَ جَنَّاتٍ مَعرُوشاتٍ وغيْرَ مَعْرُوشاتٍ } فالمعروشات: ما عَرَش الناس وغير معروشات: ما خرج في البرّ والجبال من الثمرات. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: أما «جنات» فالبساتين وأما «المعروشات»: فما عُرِش كهيئة الكرم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: { وَهُوَ الَّذِي أنْشأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ } قال: ما يُعْرَش من الكروم. { وغيرَ مَعْرُوشاتٍ } قال: ما لا يعرش من الكرم. القول في تأويل قوله تعالى: { والنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ مُتَشابهاً وغيرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَره إذَا أثْمَرَ }. يقول جلّ ثناؤه: وأنشأ النخل والزرع مختلفاً أكله، يعني بالأُكل: الثمر، يقول: وخلق النخل والزرع مختلفاً ما يخرج منه مما يؤكل من الثمر والحبّ والزيتون والرمان، متشابهاً وغير متشابه في الطعم، منه الحلو والحامض والمزّ كما: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: { مُتَشابِهاً وغيرَ مُتَشابِهٍ } قال: متشابهاً في المنظر، وغير متشابه في الطعم. وأما قوله: { كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذَا أْثمَرَ } فإنه يقول: كلوا من رطبه ما كان رطباً ثمره. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو همام الأهوازي، قال: ثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، في قوله: { كُلُوا مِنْ ثَمَره إذَا أْثمَرَ } قال: من رطبه وعنبه. حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا محمد بن الزبرقان، قال: ثنا موسى بن عبيدة في قوله: { كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذَا أثْمَرَ } قال: من رطبه وعنبه. القول في تأويل قوله تعالى: { وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: هذا أمر من الله بإيتاء الصدقة المفروضة من الثمر والحبّ. ذكر من قال ذلك: حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا يونس، عن الحسن، في قوله: { وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاده } قال: الزكاة. حدثنا عمرو، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا يزيد بن درهم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: { وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاده } قال: الزكاة المفروضة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10