الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ }

اختلف أهل التأويل في المعنىّ بقوله: { ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ } فقال بعضهم: عنى بذلك اللبن. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس: { وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنَا } قال: اللبن. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس مثله. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الأنْعام خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ على أزْوَاجِنا } ألبان البحائر كانت للذكور دون النساء، وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكورهم وإناثهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { خالِصَةٌ لِذكُورنا ومُحَرَّمٌ على أزْوَاجِنا } قال: ما فِي بُطون البحائر: يعني ألبانها، كانوا يجعلونه للرجال دون النساء. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن زكريا، عن عامر، قال: البحيرة لا يأكل من لبنها إلا الرجال، وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء. حدثني محمد بن سعد،قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورنا }... الآية، فهو اللبن كانوا يحرّمونه على إناثهم ويشربه ذكرانهم وكانت الشاة إذا ولدت ذكراً ذبحوه وكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركب فلم تذبح، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء. فنهى الله عن ذلك. وقال آخرون: بل عنى بذلك ما في بطون البحائر والسوائب من الأجنة. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورنا ومُحَرَّمٌ على أزْوَاجِنا وَإنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ } فهذه الأنعام ما ولد منها من حيّ فهو خالص للرجال دون النساء وأما ما ولد من ميت فيأكله الرجال والنساء. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن مجاهد: { ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا } السائبة والبحيرة. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الكفرة أنهم قالوا في أنعام بأعيانها: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا دون إناثنا. واللبن مما في بطونها، وكذلك أجنتها، ولم يخصص الله بالخبر عنهم أنهم قالوا بعض ذلك حرام عليهنّ دون بعض.

السابقالتالي
2 3