الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ } قال: اللينة: النخلة، عجوة كانت أو غيرها، قال الله { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ } قال: الذي قطعوا من نخل النضير حين غدرت النضير. وقال آخرون: هي لون من النخل. ذكر من قال ذلك. حدثنا محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي: قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ } قال: اللينة: لون من النخل. وقال آخرون: هي كرام النخل. ذكر من قال ذلك. حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان في { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ } قال: من كرام نخلهم. والصواب من القول في ذلك قول من قال: اللينة: النخلة، وهي من ألوان النخل ما لم تكن عجوة، وإياها عنى ذو الرُّمَّة بقوله:
طِراقُ الخَوَافِي وَاقِعٌ فَوْقَ لِينَةٍ   نَدَى لَــيْلِــة في رِيــشِـهِ يَــترَقْــرَقُ
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: اللينة من اللون، والليان في الجماعة واحدها اللينة. قال: وإنما سميت لينة لأنه فعلة من فَعْل، وهو اللون، وهو ضرب من النخل، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء. وكان بعضهم ينكر هذا القول ويقول: لو كان كما قال لجمعوه: اللوان لا الليان. وكان بعض نحوبي الكوفة يقول: جمع اللينة لين، وإنما أُنزلت هذه الآية فيما ذُكر من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قطع نخل بني النضير وحرّقها، قالت بنو النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك كنت تنهى عن الفساد وتعيبه، فما بالك تقطع نخلنا وتُحرقها؟ فأنزل الله هذه الآية، فأخبرهم أن ما قطع من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ترك، فعن أمر الله فعل. وقال آخرون: بل نزل ذلك لاختلاف كان من المسلمين في قطعها وتركها ذكر من قال: نزل ذلك لقول اليهود للمسلمين ما قالوا. حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا يزيد بن رومان، قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم يعني ببني النضير تحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل، والتحريق فيها، فنادوْه يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ فأنزل الله عزّ وجلّ { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتمُوُهَا قَآئِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقيِنَ }. ذكر من قال: نزل ذلك لاختلاف كان بين المسلمين في أمرها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتمُوُهَا... } الآية، أي ليعظهم فقطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك آخرون كراهية أن يكون افساداً، فقالت اليهود: الله أذن لكم في الفساد، فأنزل الله { ما قَطَعْتُم مِن لِّينَةٍ }.

PreviousNext
1 2 4 5 6