الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ }

يقول تعالى ذكره: فهلاّ إن كنتم أيها الناس غير مدينين. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { مَدِينِينَ } فقال بعضهم: غير محاسبين. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } يقول: غير محاسبين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { غِيرَ مَدِينِينَ } قال: محاسبين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ }: أي محاسبين. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مدِينِينَ } قال: كانوا يجحدون أن يُدانوا بعد الموت، قال: وهو مالك يوم الدين، يوم يُدان الناس بأعمالهم، قال: يدانون: يحاسبون. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله: { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ } قال: غير محاسبين. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة { فَلَوْلا إنْ كُمْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ } قال: غير مبعوثين، غير محاسبين. وقال آخرون: معناه: غير مبعوثين. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } غير مبعوثين يوم القيامة، ترجعونها إن كنتم صادقين. وقال آخرون: بل معناه: غير مجزيين بأعمالكم. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: غير محاسبين فمجزيين بأعمالكم من قولهم: كما تدين تدان، ومن قول الله:مالِكِ يَوْمِ الدّينِ } وقوله: { تَرْجِعُوَنها إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يقول: تردّون تلك النفوس من بعد مصيرها إلى الحلاقيم إلى مستقرّها من الأجساد إن كنتم صادقين، إن كنتم تمتنعون من الموت والحساب والمجازاة، وجواب قوله:فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحَلْقُومَ } وجواب قوله: { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } جواب واحد وهو قوله: { تَرْجِعُوَنها } وذلك نحو قوله:فإمَّا يأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } جعل جواب الجزاءين جواباً واحداً. وبنحو الذي قلنا في قوله: { تَرْجِعُوَنها } قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { تَرْجِعُوَنها } قال: لتلك النفس { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }. وقوله: { فأمَّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } يقول تعالى ذكره: فأما إن كان الميت من المقرّبين الذين قرّبهم الله من جواره في جنانه { فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ } يقول: فله روح وريحان. واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار { فَرَوْحٌ } بفتح الراء، بمعنى: فله برد. { وَرَيْحانٌ } يقول: ورزق واسع في قول بعضهم، وفي قول آخرين فله راحة وريحان وقرأ ذلك الحسن البصريّ «فَرُوحٌ» بضم الراء، بمعنى: أن روحه تخرج في ريحانة.

السابقالتالي
2 3