الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ }

يقول تعالى ذكره: أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره، وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تلينون القول للمكذّبين به، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر. واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم في ذلك نحو قولنا فيه. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { أفَبِهَذَا الحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } قال: تريدون أن تمالئوهم فيه، وتركنوا إليهم. وقال آخرون: بل معناه: أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { أفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يقول: مكذّبون غير مصدّقين. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: { أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يقول: مكذّبون. وقوله: { وَتَجْعَلُونَ رِزقَكمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } يقول: وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب، وذلك كقول القائل الآخر: جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ، بمعنى: جعلت: شكر إحساني، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ. وقد ذُكر عن الهيثم بن عديّ: أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان: بمعنى ما شكر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف فيه منهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثني عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلميّ، عن عليّ رضي الله عنه { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال: شكركم. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ رفعه { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال: « شكركم تقولون مُطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا ». حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن أبي بكر، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبون } قال:« شُكْرَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ »، قال: « يَقُولُونَ مُطِرْنا بنَوْءِ كَذا وكَذا ». حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافراً، يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذَا، وقرأ ابن عباس { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ }. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا معاذ بن سليمان، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُون } ثم قال: ما مُطر الناس ليلة قطّ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون: مُطرنا بنوء كذا وكذا.

السابقالتالي
2 3