الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } * { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ }

يقول تعالى ذكره: { فَفَتَحْنا } لما دعانا نوح مستغيثاً بنا على قومه { أبْوَابَ السَّماءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ } وهو المندفق، كما قال امرؤ القيس في صفة غيث:
رَاحَ تَمْرِيه الصَّبا ثُمَّ انْتَحَى   فِيهِ شُؤْبُوبُ جنوبٍ مُنْهَمِرْ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ } قال: ينصبّ انصباباً. وقوله: { وَفَجَّرْنا الأرْضَ عُيُوناً } يقول جلّ ثناؤه: وأسلنا الأرض عيون الماء. كما: حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله: { وَفَجَّرْنا الأرْضَ عُيُوناً } قال: فجَّرنا الأرض الماءَ وجاء من السماء. { فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدرْ } يقول تعالى ذكره: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه، كما: حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرْ } قال: ماء السماء وماء الأرض. وإنما قيل: فالتقى الماء على أمر قد قدر، والالتقاء لا يكون من واحد، وإنما يكون من اثنين فصاعداً، لأن الماء قد يكون جمعاً وواحداً، وأريد به في هذا الموضع: مياه السماء ومياه الأرض، فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع. وقيل: التقى الماء على أمر قد قُدر، لأن ذلك كان أمراً قد قضاه الله في اللوح المحفوظ. كما: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب قال: كانت الأقوات قبل الأجساد، وكان القدر قبل البلاء، وتلا { فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرَ }.