الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }

يقول تعالى ذكره وفي موسى بن عمران إذ أرسلناه إلى فرعون بحجة تبين لمن رآها أنها حجة لموسى على حقيقة ما يقول ويدعو إليه. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ } يقول: بعذر مبين. وقوله: { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } يقول: فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فَتَوَلَّى بِرُكُنِهِ } يقول لقومه، أو بقومه، أنا أشكّ. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { فَتَوَلَّى بِرُكْنهِ } قال: بعضده وأصحابه. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { فَتَوَلَّي بِرُكْنِهِ } غلب عدوّ الله على قومه. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله تبارك وتعالى { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } قال: بجموعه التي معه، وقرألَوْ أنَّ لي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ } قال: إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به قال: وفرعون وجنوده ومن معه ركنه قال: وما كان مع لوط مؤمن واحد قال: وعرض عليهم أن يُنكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه، أو يدفع عنه، وقرأهَؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أطْهَرُ لَكُمْ } قال: يريد النكاح، فأبوا عليه، وقرأ قول الله تبارك وتعالى:لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقِّ وَإنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ } أصل الركن: الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوَى بها. وقوله: { وَقالَ ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ } يقول: وقال لموسى: هو ساحر يسحر عيون الناس، أو مجنون، به جِنَّة. وكان معمر بن المثنى يقول: أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة، لأنهم قد قالوهما جميعاً له، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي:
أَثَعْلَبَةَ الفَوَارِسَ أوْ رِياحا   عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيَّةَ والخِشابا