الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }

يقول تعالى ذكره: وفي الأرض عِبر وعظات لأهل اليقين بحقيقة ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ } قال: يقول: معتبر لمن اعتبر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ } إذا سار في أرض الله رأى عِبراً وآيات عظاماً. وقوله: { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم، ودليل لكم على ربكم، أفلا تبصرون إلى ذلك منكم. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ، قال: ثنا أبو أُسامة، عن ابن جُرَيج، عن ابن المرتفع، قال: سمعت ابن الزُّبير يقول: { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } قال: سبيل الغائط والبول. حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزُّبير { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } قال: سبيل الخلاء والبول. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } ، وقرأ قول الله تبارك وتعالىوَمِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إذَا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } قال: وفينا آيات كثيرة، هذا السمع والبصر واللسان والقلب، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيء هو، إنما هو مضغة في جوفه، يجعل الله فيه العقل، أفيدري أحد ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو؟. والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضاً أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم { أفَلا تُبْصِرُونَ } يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم. وقوله: { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } يقول تعالى ذكره: وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم، وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا النضر، قال: ثنا جُوَيبر، عن الضحاك، في قوله: { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } قال: المطر. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: { وفي السماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ } قال: الثلج، وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص.

السابقالتالي
2