الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ بهذه الآية وإن كان مأموراً بذلك جميع الـمؤمنـين، فقال بعضهم: عنى بذلك: عبُـادة بن الصامت وعبد الله بن أُبَىّ ابن سَلُول فـي براءة عبـادة من حلف الـيهود، وفـي تـمسك عبد الله بن أبـيّ بن سلول بحلف الـيهود بعد ما ظهرت عداوتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبره الله أنه إذا تولاهم وتـمسك بحلفهم أنه منهم فـي براءته من الله ورسوله كبراءتهم منهما. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبـي، عن عطية بن سعد، قال: جاء عبـادة ابن الصامت من بنـي الـحرث بن الـخزرج إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لـي موالـي من يهود كثـير عددهم، وإنـي أبرأ إلـى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولـى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبـيّ: إنـي رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية موالـيّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أبـيّ: " يا أبـا الـحُبـابِ مَا بَخِـلْتَ بِهِ مِنْ وِلايَةِ يَهُودَ علـى عُبـادَةَ بنِ الصَّامِتِ فَهُوَ إلَـيكَ دُونَهُ " قال: قد قبلت. فأنزل الله: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّـخِذُوا الـيَهُودَ والنَّصَارَى أوْلِـياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِـياءُ بَعْضٍ }... إلـى قوله:فَتَرى الَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } حدثنا هناد، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنـي عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري، قال: لـما انهزم أهل بدر قال الـمسلـمون لأولـيائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم الله بـيوم مثل يوم بدر فقال مالك ابن صيف: غرّكم أن أصبتـم رهطاً من قريش لا علـم لهم بـالقتال، أما لو أسررنا العزيـمة أن نستـجمع علـيكم لـم يكن لكم يد أن تقاتلونا. فقال عبـادة: يا رسول الله إن أولـيائي من الـيهود كانت شديدة أنفسهم كثـيراً سلاحهم شديدة شوكتهم، وإنـي أبرأ إلـى الله وإلـى رسوله من ولايتهم، ولا مولـى لـي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبـيّ: لكنـي لا أبرأ من ولاء يهود، إنـي رجل لا بدّ لـي منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبـا حُبـابِ أرأيْتَ الَّذِي نَفَسْتَ بِهِ مِنْ وَلاءِ يَهُودَ علـى عُبـادَةَ، فَهُوَ لَكَ دونَهُ " قال: إذا أقبل. فأنزل الله تعالـى ذكره: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّـخِذُوا الـيَهُودَ والنَّصَارَى أوْلِـياءَ بَعْضُهُمْ أوْلـياءُ بَعْضٍ }... إلـى أن بلغ إلـى قوله:وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } حدثنا هناد، قال: ثنا يونس، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: ثنـي والدي إسحاق بن يسار، عن عبـادة ابن الولـيد بن عبـادة بن الصامت، قال: لـما حاربت بنو قَـينُقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشبث بأمرهم عبد الله بن أبـيّ، وقام دونهم.

السابقالتالي
2 3 4