الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: { الـيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبـاتُ }: الـيوم أحلّ لكم أيها الـمؤمنون الـحلال من الذبـائح والـمطاعم، دون الـخبـائث منها. قوله: { وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ } وذبـائح أهل الكتاب من الـيهود والنصارى، وهم الذين أوتوا التوراة والإنـجيـل، وأنزل علـيهم، فدانوا بهما أو بأحدهما { حِلٌّ لَكُمْ } يقول: حلال لكم أكله دون ذبـائح سائر أهل الشرك الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب وعبدة الأوثان والأصنام، فإن من لـم يكن منهم مـمن أقرّ بتوحيد الله عزّ ذكره ودان دين أهل الكتاب، فحرام علـيكم ذبـائحهم. ثم اختلف فـيـمن عنى الله عزّ ذكره بقوله: { وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابِ } من أهل الكتاب، فقال بعضهم: عنى الله بذلك ذبـيحة كلّ كتابيّ مـمن أنزل علـيه التوراة والإنـجيـل، أو مـمن دخـل فـي ملتهم فدان دينهم وحرّم ما حرّموا وحلل ما حللوا منهم ومن غيرهم من سائر أجناس الأمـم. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن عبد الـملك بن أبـي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا خَصيف، قال: ثنا عكرمة، قال: سئل ابن عبـاس عن ذبـائح نصارى بنـي تغلب، فقرأ هذه الآية:يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ } [المائدة: 51]... إلـى قوله:وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [المائدة: 51]... الآية. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن عثمة، قال: ثنا سعيد بن بشر، عن قتادة، عن الـحسن وعكرمة: أنهما كانا لا يريان بأساً بذبـائح نصارى بنـي تغلب وبتزوّج نسائهم، ويتلوان:وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [المائدة: 51]. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبـي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن الـحسن وسعيد بن الـمسيب: أنهما كانا لا يريان بأساً بذبـيحة نصارى بنـي تغلب. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن الشعبـيّ: أنه كان لا يرى بأساً بذبـائح نصارى بنـي تغلب، وقرأ:وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } [مريم: 64]. حدثنـي ابن بشار وابن الـمثنى، قالا: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: ثنـي ابن شهاب عن ذبـيحة نصارى العرب، قال: تؤكل من أجل أنهم فـي الدين أهل كتاب، ويذكرون اسم الله. حدثنا ابن بشار وابن الـمثنى، قالا: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ابن جريج: قال: قال عطاء: إنـما يقرءون ذلك الكتاب. حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا ابن علـية، قال: ثنا شعبة، قال: سألت الـحكم وحماداً وقتادة عن ذبـائح نصارى بنـي تغلب، فقالوا: لا بأس بها. قال: وقرأ الـحكم:وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ } [البقرة: 78]. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: كلوا من ذبـائح بنـي تغلب، وتزوّجوا من نسائهم، فإن الله قال فـي كتابه:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10