الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ }

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبـيد الله، عن فضيـل بن مرزوق، عن عطية: { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق } قال: كان أحدهما اسمه قابـيـل والآخر هابـيـل أحدهما صاحب غنـم، والآخر صاحب زرع، فقرّب هذا من أمثل غنـمه حَمَلاً، وقرّب هذا من أردإ زرعه. قال: فنزلت النار، فأكلت الـحَمَل، فقال لأخيه: لأقتلنك حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلـم بـالكتاب الأوّل: أن آدم أمر ابنه قابـيـل أن ينكح أخته توأمة هابـيـل، وأمر هابـيـل أن ينكح أخته توأمة قابـيـل. فسلـم لذلك هابـيـل ورضى، وأبـى قابـيـل ذلك وكرهه، تكرماً عن أخت هابـيـل، ورغب بأخته عن هابـيـل، وقال: نـحن ولادة الـجنة وهما من ولادة الأرض، وأنا أحقّ بأختـي ويقول بعض أهل العلـم بـالكتاب الأوّل: كانت أخت قابـيـل من أحسن الناس، فضنّ بها علـى أخيه وأرادها لنفسه، فـالله أعلـم أيّ ذلك كان. فقال له أبوه: يا بنـيّ إنها لا تـحلّ لك فأبى قابـيـل أن يقبل ذلك من قول أبـيه، فقال له أبوه: يا بنـيّ فقرّب قربـاناً، ويقرّب أخوك هابـيـل قربـاناً، فأيكما قبل الله قربـانه فهو أحقّ بها. وكان قابـيـل علـى بَذْر الأرض، وكان هابـيـل علـى رعاية الـماشية، فقرّب قابـيـل قمـحاً وقرّب هابـيـل أبكاراً من أبكار غنـمه وبعضهم يقول: قرّب بقرة فأرسل الله ناراً بـيضاء، فأكلت قربـان هابـيـل وتركت قربـان قابـيـل، وبذلك كان يقبل القربـان إذا قبله. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـيـما ذكر عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس. وعن مرّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم: كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية، فكان يزوّج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر، ويزوّج جارية هذا البطن غلام البطن هذا الآخر. حتـى ولد له ابنان يقال لهما: قابـيـل، وهابـيـل، وكان قابـيـل صاحب زرع، وكان هابـيـل صاحب ضرع. وكان قابـيـل أكبرهما، وكان له أخت أحسن من أخت هابـيـل. وإن هابـيـل طلب أن ينكح أخت قابـيـل، فأبى علـيه وقال: هي أختي ولدت معي، وهي أحسن من أختك، وأنا أحقّ أن أتزوّجها. فأمره أبوه أن يزوّجها هابـيـل فأبى. وإنهما قرّبـا قربـاناً إلـى الله أيهما أحقّ بـالـجارية، وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما إلـى مكة ينظر إلـيها، قال الله لآدم: يا آدم، هل تعلـم أن لـي بـيتاً فـي الأرض؟ قال: اللهمّ لا قال: فإن لـي بـيتاً بـمكة فأته فقال آدم للسماء: احفظي ولدي بـالأمانة، فأبت. وقال للأرض فأبت، وقال للـجبـال فأبت، وقال لقابـيـل، فقال: نعم تذهب وترجع وتـجد أهلك كما يسرّك. فلـما انطلق آدم قرّبـا قربـاناً، وكان قابـيـل يفخر علـيه، فقال: أنا أحقّ بها منك، هي أختـي، وأنا أكبر منك، وأنا وصيّ والديّ.

PreviousNext
1 2 4 5 6