الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

يعني تعالى ذكره بقوله: { ذلكَ }: هذا الذي قلت لكم في أمر الأوصياء إذا ارتبتم في أمرهم واتهمتموهم بخيانة المال من أوصى إليهم من حَبْسهم بعد الصلاة، واستحلافكم إياهم على ما ادّعى قِبَلهم أولياء الميت { أدْنى لَهُم أنْ يَأْتُوا بالشَّهادَةِ على وجهِها } يقول: هذا الفعل إذا فعلتم بهم أقرب لهم أن يصدقُوا في أيمانهم، ولا يكتموا، ويقرّوا بالحقّ، ولا يخونوا. { أوْ يَخافُوا أنْ تُرَدَّ أيمَانٌ بَعْدَ أيمَانِهِمْ } يقول أو يخافوا هؤلاء الأوصياء إن عُثِر عليهم أنهم استحقوا إثماً في أيمانهم بالله، أن تردَّ أيمانهم على أولياء الميت بعد أيمانهم التي عثر عليها أنها كذب، فيستحقوا بها ما ادّعوا قِبَلهم من حقوقهم، فيصدقوا حينئذٍ في أيمانهم وشهادتهم مخافة الفضيحة على أنفسهم وحذراً أن يستحقّ عليهم ما خانوا فيه أولياء الميت وورثته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وقد تقدمت الرواية بذلك عن بعضهم، نحن ذاكرو الرواية في ذلك عن بعض من بقي منهم. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس:فإن عُثِرَ على أنَّهُما اسْتَحَقَّا إثْماً } يقول: إن اطلع على أن الكافرين كذباً،فآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } يقول: من الأولياء، فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة وإنَّا لم نعتدِ، فتردّ شهادة الكافرين وتجوز شهادة الأولياء. يقول تعالى ذكره: ذلك أدنى أن يأتي الكافرون بالشهادة على وجهها، أو يخافوا أن تردّ أيمان بعد أيمانهم. وليس على شهود المسلمين إقسام، وإنما الإقسام إذا كانوا كافرين. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ذَلِكَ أدْنَى أنْ يَأْتُوا بالشَّهادَةِ }... الآية، يقول: ذلك أحرى أن يصدقوا في شهادتهم، وأن يخافوا العقاب. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { أوْ يَخافُوا أنْ تُرَدَّ أيمَانٌ بَعْدَ أيمَانِهِمْ } قال: فتبطل أيمانهم، وتؤخذ أيمان هؤلاء. وقال آخرون: معنى ذلك: تحبسونهما من بعد الصلاة، ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها، وعلى أنهما استحقا إثماً، فآخران يقومان مقامهما. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: يوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما، فيحلفان بالله لا نشتري به ثمناً قليلاً ولو كان ذا قُربى، ولا نكتم شهادة الله، إنا إذن لمن الآثمين، إنّ صاحبكم لبهذا أوصى، وإن هذه لتركته فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا: إنكما إن كنتما كتمتما أو خنتما فضحتكما في قومكما ولم أجز لكما شهادة وعاقبتكما. فإن قال لهما ذلك، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها.

السابقالتالي
2 3