الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

يقول تعالى ذكره: قالت الأعراب: صدّقنا بالله ورسوله، فنحن مؤمنون، قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم { لَمْ تُؤْمِنُوا } ولستم مؤمنين { وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا }. وذُكر أن هذه الآية نزلت في أعراب من بني أسد. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { قالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا } قال: أعراب بني أسد بن خُزيمة. واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء الأعراب: قولوا أسلمنا، ولا تقولوا آمنا، فقال بعضهم: إنما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك، لأن القوم كانوا صدّقوا بألسنتهم، ولم يصدّقوا قولهم بفعلهم، فقيل لهم: قولوا أسلمنا، لأن الإسلام قول، والإيمان قول وعمل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري { قالَتِ الأَعْرَابَ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا } قال: إن الإسلام: الكلمة، والإيمان: العمل. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، وأخبرني الزهريّ، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: أعطى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجالاً، ولم يعط رجلاً منهم شيئاً، فقال سعد: يا رسول الله أعطيت فلاناً وفلاناً، ولم تُعط فلانا شيئاً، وهو مؤمن، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أوْ مُسْلِمٌ " حتى أعادها سعد ثلاثا، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " أوْ مُسْلِمٌ " ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم " إنّي أُعْطِي رِجالاً وأَدَعُ مَنْ هُوَ أحَبُّ إليَّ مِنْهُمْ، لا أُعْطِيهِ شَيْئاً مَخافَةَ أنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ " حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { قَالتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا } قال: لم يصدّقوا إيمانهم بأعمالهم، فردّ الله ذلك عليهم { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا } ، وأخبرهم أن المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون، صدّقوا إيمانهم بأعمالهم فمن قال منهم: أنا مؤمن فقد صدق قال: وأما من انتحل الإيمان بالكلام ولم يعمل فقد كذب، وليس بصادق. حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مُغيرة، عن إبراهيم { وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا } قال: هو الإسلام. وقال آخرون: إنما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقيل ذلك لهم، لأنهم أرادوا أن يتسموا بأسماء المهاجرين قبل أن يهاجروا، فأعلمهم الله أن لهم أسماء الأعراب، لا أسماء المهاجرين.

السابقالتالي
2 3