الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { إنَّا أرْسَلْناكَ } يا محمد { شاهِداً } على أمتك بما أجابوك فيما دعوَتهم إليه، مما أرسلتك به إليهم من الرسالة، { ومُبَشِّراً } لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيِّم، ونذيرا لهم عذاب الله إن هم تولَّوْا عما جئتهم به من عند ربك. ثم اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { لِتُؤْمِنُوا باللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهِ } فقرأ جميع ذلك عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر المدني وأبي عمرو بن العلاء، بالتاء { لِتُؤْمِنُوا، وتُعَزّرُوهُ، وَتُوَقِّرُوهُ، وَتُسَبِّحُوهُ } بمعنى: لتؤمنوا بالله ورسوله أنتم أيها الناس. وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرو كله بالياء «لِيُؤْمِنُوا، ويُعَزّرُوهُ، ويُوَقِّرُوهُ، ويُسَبِّحُوهُ» بمعنى: إنا أرسلناك شاهداً إلى الخلق ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزّروه. والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّا أرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } يقول: شاهداً على أمته على أنه قد بلغهم ومبشراً بالجنة لمن أطاع الله، ونذيراً من النار. وقوله: { وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: تجلّوه، وتعظموه. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس« وَيُعَزِّرُوهُ» يعني: الإجلال «وَيُوَقِّرُوهُ» يعني: التعظيم. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:« وَيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ» كل هذا تعظيم وإجلال. وقال آخرون: معنى قوله:« وَيُعَزِّرُوهُ»: وينصروه، ومعنى «وَيُوَقِّرُوهُ» ويفخموه. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة « وَيُعَزِّرُوهُ»: ينصروه «وَيُوَقِّرُوهُ» أمر الله بتسويده وتفخيمه. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { وَيُعَزِّرُوهُ } قال: ينصروه، ويوقروه: أي ليعظموه. حدثني أبو هريرة الضُّبَعيّ، قال: ثنا حرميّ، عن شعبة، عن أبي بشر، جعفر بن أبي وحشية، عن عكرِمة «وَيُعَزِّرُوهُ» قال: يقاتلون معه بالسيف. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثني هشيم، عن أبي بشر، عن عكرِمة، مثله. حدثني أحمد بن الوليد، قال: ثنا عثمان بن عمر، عن سعيد، عن أبي بشر، عن عكرِمة، بنحوه. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن عكرِمة، مثله. وقال آخرون: معنى ذلك: ويعظموه. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: «وَيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ» قال: الطاعة لله.

السابقالتالي
2