الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }

يقول تعالى ذكره لفريق الإيمان به وبرسوله: { فَإذَا لَقِيُتمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالله ورسوله من أهل الحرب، فاضربوا رقابهم. وقوله: { حتى إذَا أثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثاقَ } يقول: حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم، فصاروا في أيديكم أسرى { فَشُدُّوا الوَثاقَ } يقول: فشدّوهم في الوثاق كيلا يقتلوكم، فيهربوا منكم. وقوله: { فإمَّا مَنًّاً بَعْدُ وإمَّا فِدَاءً } يقول: فإذا أسرتموهم بعد الإثخان، فإما أن تمنوا عليهم بعد ذلك بإطلاقكم إياهم من الأسر، وتحرروهم بغير عوض ولا فدية، وإما أن يفادوكم فداء بأن يعطوكم من أنفسهم عوضاً حتى تطلقوهم، وتخلوا لهم السبيل. واختلف أهل العلم في قوله: { حتى إذَا أثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثاقَ، فإمَّا مَنَّا بَعْدُ وَإمَّا فِداءً } فقال بعضهم: هو منسوخ نسخه قوله:فاقْتُلُوا المُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم } وقولهفإمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ في الحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مِنْ خَلْفِهُمْ } ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُمَيد وابن عيسى الدامغانيّ، قالا: ثنا ابن المبارك، عن ابن جُرَيج أنه كان يقول، في قوله: { فإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإمَّا فِداءً } نسخها قوله:فاقْتُلوا المشْرِكِينَ حَيْثُ وَجدْتُموهُمْ } حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ { فإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإمَّا فِداءً } قال: نسخهافاقْتُلُوا المُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { فإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإمَّا فِداءً } نسخها قوله:فإمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ } حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فإذَا لَقِيُتمُ الَّذينَ كَفَرُوا } إلى قوله: { وَإمَّا فِدَاءً } كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم، فإذا أسروا منهم أسيراً، فليس لهم إلا أن يُفادوه، أو يمنوا عليه، ثم يرسلوه، فنسخ ذلك بعد قوله:فإمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ } أي عظ بهم من سواهم من الناس لعلهم يذّكرون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، قال: كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أُسر، فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال أبو بكر: اقتلوه، لقتلُ رجل من المشركين، أحبّ إليّ من كذا وكذا. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { فإذَا لَقِيُتمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرّقابِ... } إلى آخر الآية، قال: الفداء منسوخ، نسختها:فإذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ... إلى كُلَّ مَرْصَدٍ } قال: فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا حرمة بعد براءة، وانسلاخ الأشهر الحَرم. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { فإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإمَّا فِداءً } هذا منسوخ، نسخه قوله:

السابقالتالي
2 3 4