الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { قُلْ إنْ كانَّ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } فقال بعضهم: في معنى ذلك: قل يا محمد إن كان للرحمن ولد في قولكم وزعمكم أيها المشركون، فأنا أوّل المؤمنين بالله في تكذيبكم، والجاحدين ما قلتم من أن له ولداً. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { قُلْ إنْ كانَ للرَّحمَنِ وَلَدٌ } كما تقولون { فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } المؤمنين بالله، فقولوا ما شئتم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { فأنا أوَّلُ العابِدِينَ } قال: قل إن كان لله ولد في قولكم، فأنا أوّل من عبد الله ووحده وكذّبكم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: قل ما كان للرحمن ولد، فأنا أوّل العابدين له بذلك. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { قُلْ إنْ كانَ للرَّحْمَن وَلَدٌ فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } يقول: لم يكن للرحمن ولد فأنا أوّل الشاهدين. وقال آخرون: بل معنى ذلك نفي، ومعنى إن الجحد، وتأويل ذلك ما كان ذلك، ولا ينبغي أن يكون. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { قُلْ إنْ كانَ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } قال قتادة: وهذه كلمة من كلام العرب { إنْ كان للرَّحْمن وَلَدٌ }: أي إن ذلك لم يكن، ولا ينبغي. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { قُلْ إنْ كانَ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } قال: هذا الإنكاف ما كان للرحمن ولد، نكف الله أن يكون له ولد، وإن مثل «ما» إنما هي: ما كان للرحمن ولد، ليس للرحمن ولد، مثل قوله:وَإنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبالُ } إنما هي: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، فالذي أنزل الله من كتابه وقضاه من قضائه أثبت من الجبال، و«إن» هي «ما» إن كان ما كان تقول العرب: إن كان، وما كان الذي تقول. وفي قوله: { فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ } أوّل من يعبد الله بالإيمان والتصديق أنه ليس للرحمن ولد على هذا أعبد الله. حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت ابن محمد، عن قول الله: { إنْ كانَ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ } قال: ما كان. حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو، قال: سألت زيد بن أسلم، عن قول الله: { قُلْ إنْ كانَ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ } قال: هذا قول العرب معروف، إن كان: ما كان، إن كان هذا الأمر قط، ثم قال: وقوله: وإن كان: ما كان.

السابقالتالي
2 3