الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }

يقول تعالى ذكره: ونادى هؤلاء المجرمون بعد ما أدخلهم الله جهنم، فنالهم فيها من البلاء ما نالهم، مالكاً خازن جهنم { يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } قال: ليمتنا ربك، فيفرغ من إماتتنا، فذكر أن مالكاً لا يجيبهم في وقت قيلهم له ذلك، ويدعهم ألف عام بعد ذلك، ثم يجيبهم، فيقول لهم: { إنَّكُمْ ماكِثُونَ }. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي الحسن، عن ابن عباس { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } ، فأجابهم بعد ألف سنة { إنَّكُمْ ماكِثونَ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن رجل من جيرانه يقال له الحسن، عن نوف في قوله: { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } قال: يتركهم مئة سنة مما تعدّون، ثم يناديهم فيقول: يا أهل النار إنكم ماكثون. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن عمرو، قال: { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْض عَلَيْنَا رَبُّكَ } قال: فخلى عنهم أربعين عاما لا يجيبهم، ثم أجابهم:إنَّكمْ ماكِثُونَ قالُوا رَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِمُونَ } فخلى عنهم مثلي الدنيا، ثم أجابهم:اخْسَئُوا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ } قال: فوالله ما نبس القوم بعد الكلمة، إن كان إلا الزفيرُ والشهيق. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن عبد الله بن عمرو، قال: إن أهل جهنم يدعون مالكا أربعين عاما فلا يجيبهم، ثم يقول: { إنَّكُمْ ماكِثُونَ } ، ثم ينادون ربهمرَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنَّا ظالِمُونَ } فيدعهم أو يخلي عنهم مثل الدنيا، ثم يردّ عليهم { اخْسَئُوا فِيها وَلا تُكَلِّمُون } قال: فما نبس القوم بعد ذلك بكلمة إن كان إلا الزفيرُ والشهيق في نار جهنم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن الحسن، عن نوف { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } قال: يتركهم مئة سنة مما تعدّون، ثم ناداهم فاستجابوا له، فقال: إنكم ماكثون. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط عن السديّ، في قوله: { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } قال: مالك خازن النار، قال: فمكثوا ألف سنة مما تعدّون، قال: فأجابهم بعد ألف عام: إنكم ماكثون. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله تعالى ذكره: { وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ } قال: يميتنا، القضاء ههنا الموت، فأجابهم { إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ }. وقوله: { لَقَدْ جِئْناكُمْ بالحَقّ } يقول: لقد أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا محمدا بالحق. كما: حدثني محمد، قال: ثنا أحمد، ثنا أسباط، عن السديّ، { لَقَدْ جِئْناكُمْ بالْحَقِّ } ، قال: الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم { وَلَكِنَّ أكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ } يقول تعالى ذكره: ولكن أكثركم لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الحقّ كارهون.