الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ }

يقول تعالى ذكره { إنَّ المُجْرِمِينَ } وهم الذين اجترموا في الدنيا الكفر بالله، فاجترموا به في الآخرة { فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ } يقول: هم فيه ماكثون، { لا يُفتَّر عنهم } ، يقول: لا يخفف عنهم العذاب وأصل الفتور: الضعف { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } يقول: وهم في عذاب جهنم مبلسون، والهاء في فيه من ذكر العذاب. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبدالله: «وَهُمْ فِيها مُبْلِسُونَ» والمعنى: وهم في جهنم مبلسون، والمبلس في هذا الموضع: هو الآيس من النجاة الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ }: أي مستسلمون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } قال: آيسون. وقال آخرون بما: حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ { وَهُمْ فِيهِ مُبْلسونَ } متغير حالهم. وقد بيَّنا فيما مضى معنى الإبلاس بشواهده، وذكر المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله: { وَما ظَلَمْناهُمْ وَلَكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ } يقول تعالى ذكره: وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أيها الناس أنا فعلنا بهم من التعذيب بعذاب جهنم { وَلَكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ } بعبادتهم في الدنيا غير من كان عليهم عبادته، وكفرهم بالله، وجحودهم توحيده.