الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ }

يقول تعالى ذكره: { وَلَوْلا أن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً }: جماعة واحدة. ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي لم يؤمن اجتماعهم عليه، لو فعل ما قال جلّ ثناؤه، وما به لم يفعله من أجله، فقال بعضهم: ذلك اجتماعهم على الكفر. وقال: معنى الكلام: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة على الكفر، فيصيرَ جميعهم كفاراً { لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بالرَّحمَنِ لبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ } ذكر من قال ذلك. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول الله سبحانه: لولا أن أجعل الناس كلهم كفاراً، لجعلت للكفار لبيوتهم سقفاً من فضة. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة بن خليفة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال: لولا أن يكون الناس كفاراً أجمعون، يميلون إلى الدنيا، لجعل الله تبارك وتعالى الذي قال، ثم قال: والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها، وما فعل ذلك، فكيف لو فعله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً }: أي كفاراً كلهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال: لولا أن يكون الناس كفاراً. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول: كفاراً على دين واحد. وقال آخرون: اجتماعهم على طلب الدنيا وترك طلب الآخرة. وقال: معنى الكلام: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة على طلب الدنيا ورفض الآخرة. ذكر من قال ذلك: حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال: لولا أن يختار الناس دنياهم على دينهم، لجعلنا هذا لأهل الكفر. وقوله: { لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بالرَّحْمَن لِبُيُوتِهِمْ سُقْفاً مِنْ فِضَّةٍ } يقول تعالى ذكره: لجعلنا لمن يكفر بالرحمن في الدنيا سقفاً، يعني أعالي بيوتهم، وهي السطوح فضة. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { لِبُيُوتهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ } السُقُف: أعلى البيوت. واختلف أهل العربية في تكرير اللام التي في قوله: { لِمَنْ يَكْفُرُ } ، وفي قوله: { لِبُيُوتهِمْ } ، فكان بعض نحويي البصرة يزعم أنها أدخلت في البيوت على البدل. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت جعلتها في { لِبُيُوتهِمْ } مكرّرة، كما فييَسْئَلُونَكَ عَن الشَّهْرِ الحَرَام قِتالٍ فِيهِ } ، وإن شئت جعلت اللامين مختلفتين، كأن الثانية في معنى على، كأنه قال: جعلنا لهم على بيوتهم سقفا.

السابقالتالي
2