الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }

يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتكم أيها الناس أني أعددته للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الآخرة من النعيم والكرامة، البشرى التي يبشر الله عباده الذين آمنوا به في الدنيا، وعملوا بطاعته فيها { قُلْ لا أسألُكمْ عَلَيْهِ أجْراً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للذين يمارونك في الساعة من مشركي قومك: لا أسألكم أيها القوم على دعايتكم إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ الذي جئتكم به، والنصيحة التي أنصحكم ثواباً وجزاءً، وعوضاً من أموالكم تعطونَنِيه { إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى }. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: { إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى } فقال بعضهم: معناه: إلا أن تودّوني في قرابتي منكم، وتصلوا رحمي بيني وبينكم. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب ويعقوب، قالا: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن ابن عباس، في قوله: { لا أسأَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى } قال: لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم إلا قرابة، فقال: " قُل لا أسألكم عليه أجراً أن تودّوني في القرابة التي بيني وبينكم " حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس، في قوله: { قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى } قال: سئل عنها ابن عباس، فقال ابن جبير: هم قربى آل محمد، فقال ابن عباس: عجلتَ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من بطون قريش إلا وله فيهم قرابة، قال: فنزلت { قُلْ لا أسألْكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى } قال: «إلا القرابة التي بيني وبينكم أن تصلوها». حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى } قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة في جميع قريش، فلما كذّبوه وأبَوْا أن يبايعوه قال: " يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم لا يكن غيركم من العرب أولى بحفظي ونُصرتي منكم " حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { قُلْ لا أسألْكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، قال لقريش: " لا أسألكم من أموالكم شيئاً، ولكن أسألكم أن لا تؤذوني لقرابة ما بيني وبينكم، فإنكم قومي وأحقّ من أطاعني وأجابني " حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن عكرمة، قال: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان واسطاً من قريش، كان له في كلّ بطن من قريش نسب، فقال:

السابقالتالي
2 3 4 5