الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } * { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }

يقول تعالى ذكره: { اللّهُ الَّذِي أنْزَلَ } هذا { الكِتابَ } يعني القرآن { بالحَقّ والمِيزَانِ } يقول: وأنزل الميزان وهو العدل، ليقضي بين الناس بالإنصاف، ويحكم فيهم بحكم الله الذي أمر به في كتابه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { أنْزَلَ الكِتابَ بالحَقّ والمِيزَانَ } قال: العدل. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ بالحَقّ والمِيزَان } قال: الميزان: العدل. وقوله: { وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } يقول تعالى ذكره: وأيّ شيء يدريك ويعلمك، لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب، { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها }: يقول: يستعجلك يا محمد بمجيئها الذين لا يوقنون بمجيئها، ظناً منهم أنها غير جائية { وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } يقول: والذين صدّقوا بمجيئها، ووعد الله إياهم الحشر فيها، { مشفقون منها }: يقول: وَجِلون من مجيئها، خائفون من قيامها، لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم فيها { وَيَعْلَمُونَ أنَّها الحَقُّ } يقول: ويوقنون أن مجيئها الحقّ اليقين، لا يمترون في مجيئها { ألاَ إنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ } يقول تعالى ذكره: ألا إن الذين يخاصمون في قيام الساعة ويجادلون فيه { لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } يقول: لفي جَور عن طريق الهدى، وزيغ عن سبيل الحقّ والرشاد، بعيد من الصواب.