الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

يقول تعالى ذكره: إن الذين صدّقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهياهم عنه، وذلك هو الصالحات من الأعمال { لَهُمْ أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } يقول: لمن فعل ذلك أجر غير منقوص عما وعدهم أن يأجرهم عليه. وقد اختلف في تأويل ذلك أهل التأويل، وقد بيَّناه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقد: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ { لَهُمْ أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال بعضهم: غير منقوص. وقال بعضهم: غير ممنون عليهم. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } يقول: غير منقوص. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثناء ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، قوله: { لَهُمْ أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال: محسوب. وقوله: { أئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } وذلك يوم الأحد ويوم الاثنين وبذلك جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالته العلماء، وقد ذكرنا كثيراً من ذلك فيما مضى قبل، ونذكر بعض ما لم نذكره قبل إن شاء الله. ذكر بعض ما لم نذكره فيما مضى من الأخبار بذلك: حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعيد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: هناد: قرأت سائر الحديث على أبي بكر أن اليهود أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض، قال: " خَلَقَ اللَّهُ الأرْضَ يَوْمَ الأحَدِ وَالاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الجِبالَ يَوْمَ الثُّلاثاءِ ومَا فِيهِنَّ مِنْ منَافِعَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الأرْبَعاءِ الشَّجَرَ والمَاءَ والمَدَائِنَ والعُمْرَانَ والخَرَابَ، فَهَذِهِ أرْبَعَةٌ»، ثُمَّ قال: { أئِنَّكُمْ لَتَكْفُرونَ بالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، وَتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدَاداً، ذلكَ رَبُّ العَالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيها رَوَاسي مِنْ فَوْقِها وبَارَكَ فِيها، وَقَدَّرَ فِيها أقْوَاتَها في أرْبَعَةِ أيَّامٍ سَوَاءً للسَّائلِيِنَ } لِمَنْ سأَلَ. قالَ: وَخَلَقَ يَوْمَ الخَمِيسِ السَّماءَ، وخَلَقَ يَوْمَ الجُمُعَةِ النُّجُومَ والشَّمْسَ والقَمَرَ وَالمَلائِكَةِ إلى ثَلاثَ ساعاتٍ بَقِيَتْ مِنْهُ فَخَلَقَ في أوَّلِ ساعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ الآجالَ حِينَ يَمُوتُ مَنْ ماتَ، وفي الثَّانِيَةِ ألْقَى الآفَةَ على كُلِّ شَيْءً مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وفي الثَّالِثَةِ آدَمَ وأسْكَنَهُ الجَنَّةَ، وأمَرَ إبْلِيسَ بالسُّجُودِ لَهُ، وأخْرَجَهُ مِنْها في آخِرِ ساعَةٍ " قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: " ثُمّ اسْتَوَى على العَرْشِ " قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا ثم استراح فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، فنزل:وَلَقَدْ خَلَقْنا السَّمَوَاتِ والأرْضَ وَمَا بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لَغُوبٍ فاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ }

السابقالتالي
2