الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنزلناه يا محمد أعجمياً لقال قومك من قريش: { لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ } يعني: هلا بينت أدلته وما فيه من آية، فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه، أأعجميّ، يعني أنهم كانوا يقولون إنكاراً له: أأعجمي هذا القرآن ولسان الذي أُنزل عليه عربيّ؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية { لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ أأعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ } قال: لو كان هذا القرآن أعجمياً لقالوا: القرآن أعجميّ، ومحمد عربي. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني محمد بن أبي عديّ، عن داود بن أبي هند، عن جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير في هذه الآية: { لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ أأعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ } قال: الرسول عربيّ، واللسان أعجمي. حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثنا أبو داود عن سعيد بن جبير في قوله: { وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنا أعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ أأعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ } قرآن أعجميّ ولسان عربيّ. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن محمد بن أبي موسى، عن عبد الله بن مطيع بنحوه. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ } فجعل عربياً، أعجمي الكلام وعربيّ الرجل. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: { وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنا أعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ } يقول: بُينت آياته، أأعجميّ وعربيّ، نحن قوم عرب مالنا وللعُجْمة. وقد خالف هذا القول الذي ذكرناه عن هؤلاء آخرون، فقالوا: معنى ذلك { لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ } بعضها عربيّ، وبعضها عجميّ. وهذا التأويل على تأويل من قرأ { أعْجَمِيّ } بترك الاستفهام فيه، وجعله خبراً من الله تعالى عن قيل المشركين ذلك، يعني: هلا فصّلت آياته، منها عجميّ تعرفه العجم، ومنها عربي تفقهه العرب. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجمياً وعربياً، فأنزل الله { وقَالُوا لَوْلا فُصّلَتْ آياتُهُ أعْجَمِيّ وَعَربِيّ، قُلْ هُوَ للَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفاءٌ } فأنزل الله بعد هذه الآية كل لسان، فيهحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ } قال: فارسية، أعربت: سنك وكَلَّ. وقرأت قرّاء الأمصار: { أأعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ } على وجه الاستفهام، وذُكر عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك: أعجمي بهمزة واحدة على غير مذهب الاستفهام، على المعنى الذي ذكرناه عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير.

السابقالتالي
2 3