الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }

يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هذا المؤمن لفرعون وقومه: { وَيا قَوْمِ إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ } بقتلكم موسى إن قتلتموه عقاب الله { يَوْمَ التَّنادِ }. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { يَوْمَ التَّنَادِ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: { يَوْمَ التَّنادِ } بتخفيف الدال، وترك إثبات الياء، بمعنى التفاعل، من تنادي القوم تنادياً، كما قال جلّ ثناؤه:وَنادَى أصحَابُ الجَنَّةِ أصحَابَ النَّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ } وقال:وَنَادَى أصحَابُ النَّارِ أصْحَابَ الجَنَّةِ أنَّ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ } فلذلك تأوّله قارؤ ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاريّ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أنه قال في هذه الآية { يَوْمَ التَّنادِ } قال: يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ويَا قَوْمِ إنّي أخافُ عَلَيْكُم يَوْمَ التَّنادِ } يوم ينادي أهل الجنة أهل النارأنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا } وينادي أهل النار أهل الجنةأنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ } حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { يَوْمَ التَّنادِ } قال: يوم القيامة ينادي أهل الجنة أهل النار. وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى ذلك على هذه القراءة تأويل آخر على غير هذا الوجه وهو ما: حدثنا به أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدنّي، عن يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظيّ، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يَأْمُرُ اللَّهُ إسْرَافِيلَ بالنَّفْخَةِ الأُولى، فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الفَزَعِ، فَفَزِعَ أهْلُ السَّمَوَاتِ وأهْلُ الأرْضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ويَأْمُرُهُ اللَّهُ أنْ يُدِيمَها وَيُطَوّلَهَا فَلا يَفْتَرُ، وَهِيَ التي يَقُولُ اللَّهُ: { وَما يَنْظُرُ هَولاءِ إلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةٍ ما لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } ، فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الجِبالَ فَتَكُونُ سَرَاباً، فَتُرَجُّ الأرْضُ بأهْلِها رَجًّا، وَهِيَ التي يَقُولُ اللَّهُ: { يَوْمَ تُرْجَفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } فَتَكُونُ كالسَّفِينَةِ المُرْتَعَةِ فِي البَحْرِ تَضَرِبُها الأمْوَاجُ تَكْفأُ بأهْلِها، أوْ كالقِنْدِيلِ المُعَلَّقِ بالعَرْشِ تَرُجُّهُ الأرْوَاحُ، فَتَمِيدُ النَّاسَ عَلى ظَهْرِها، فَتَذْهَلُ المَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الحَوَامِلُ، وَتَشِيبُ الوِلْدانُ، وَتَطِيرُ الشَّياطِينُ هارِبَةً حتى تأتي الأقْطارَ، فَتَلَقَّاها المَلائِكَةُ، فَتَضْرِبُ وُجُوهَها، فَترْجِعَ وَيُوَلي النَّاسُ مُدْبِرينَ، يُنادِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ: { يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمِ } ". فعلى هذا التأويل معنى الكلام: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم ينادي الناس بعضهم بعضاً من فزع نفخة الفزع.

السابقالتالي
2 3