الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }

يعني جلّ ثناؤه بقوله: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } وإذا جاء هذه الطائفة المبيتة غير الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من الأمن. فالهاء والميم في قوله: { وَإِذَا جَاءهُمْ } من ذكر الطائفة المبيتة. يقول جلّ ثناؤه: وإذا جاءهم خبر عن سرية للمسلمين غازية بأنهم قد أمنوا من عدوّهم بغلبتهم إياهم { أَوِ ٱلْخَوْفِ } يقول: أو تخّوفهم من عدوّهم بإصابة عدوّهم منهم { أَذَاعُواْ بِهِ } يقول: أفشوه وبثوه في الناس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم. والهاء في قوله: { أَذَاعُواْ بِهِ } من ذكر الأمر وتأويله: أذاعوا بالأمر من الأمن أو الخوف الذي جاءهم، يقال: منه أذاع فلان بهذا الخبر وأذاعه، ومنه قول أبي الأسود:
أذَاعَ بِه في النَّاسِ حتى كأنَّهُ   بعَلْياءَ نارٌ أُوقِدَتْ بثَقُوبِ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } يقول: سارعوا به وأفشوه. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } يقول: إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوّهم، أو أنهم خائفون منهم، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوّهم أمرهم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } يقول: أفشوه وشنعوا به. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } قال: هذا في الأخبار إذا غزت سرية من المسلمين خُبِّر الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمون من عدوّهم كذا وكذا، وأصاب العدوّ من المسلمين كذا وكذا. فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الذي يخبرهم به. قال ابن جريج: قال ابن عباس: قوله { أَذَاعُواْ بِهِ } قال: أعلنوه وأفشوه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { أَذَاعُواْ بِهِ } قال: نشروه. قال: والذين أذاعوا به قوم، إما منافقون، وإما آخرون ضعفاء. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أفْشَوْه وشنعوا به، وهم أهل النفاق. القول في تأويل قوله تعالى: { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ }.

السابقالتالي
2 3 4 5