الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً }

يعني بقوله جلّ ثناؤه: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } أم يحسد هؤلاء الذين أوتوا نصيباً من الكتاب من اليهود. كما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } قال: اليهود. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة مثله. وأما قوله: { ٱلنَّاسِ } فإن أهل التأويل اختلفوا فيمن عنى الله به، فقال بعضهم: عنى الله بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم خاصة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، قال: أخبرنا هشيم، عن خالد، عن عكرمة في قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال: الناس في هذا الموضع: النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } قال: الناس: محمد صلى الله عليه وسلم. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: فذكر نحوه. وقال آخرون: بل عَنَى الله به العربَ. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } أولئك اليهود حسدوا هذا الحيّ من العرب على ما آتاهم الله من فضله. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عاتب اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، فقال لهم في قيلهم للمشركين من عبدة الأوثان إنهم أهدى من محمد وأصحابه سبيلاً على علم منهم بأنهم في قيلهم ما قالوا من ذلك كذبة: أم يحسدون محمداً على ما آتاهم الله من فضله. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن ما قبل قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } مضى بذمّ القائلين من اليهود للذين كفروا:هَـؤُلاء أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً } ، فإلحاق قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } بذمهم على ذلك، وتقريظ الذين آمنوا الذين قيل فيهم ما قيل أشبه وأولى، ما لم يأت دلالة على انصراف معناه عن معنى ذلك.

السابقالتالي
2 3