الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ }: والرجل والـمرأة اللذان يأتـيانها، يقول: يأتـيان الفـاحشة والهاء والألف فـي قوله: { يَأْتِيَـٰنِهَا } عائدة علـى الفـاحشة التـي فـي قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ } والـمعنى: واللذان يأتـيان منكم الفـاحشة فآذوهما. ثم اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا } فقال بعضهم: هما البكران اللذان لـم يحصنا، وهما غير اللاتـي عنـين بـالآية قبلها. وقالوا: قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ } معنـيّ به الثـيبـات الـمـحصنات بـالأزواج، وقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } يعنـي به: البكران غير الـمـحصنـين. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: ذكر الـجواري والفتـيان اللذين لـم ينكحوا، فقال: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا }. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } البكران فآذوهما. وقال آخرون: بل عُنـي بقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } الرجلان الزانـيان. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: ثنا يحيـى، عن ابن جريج، عن مـجاهد: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا } قال: الرجلان الفـاعلان لا يكْنـي. حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ }: الزانـيان. وقال آخرون: بل عنـي بذلك الرجل والـمرأة، إلا أنه لـم يقصد به بكر دون ثـيب. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: ثنا يحيـى، عن ابن جريج، عن عطاء: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا } قال: الرجل والـمرأة. حدثنا مـحمد بن حميد، قال: ثنا يحيـى بن واضح، قال: ثنا الـحسين، عن يزيد النـحويّ، عن عكرمة والـحسن البصريّ، قالا:وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } [النساء: 15] إلـى قوله:أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } [النساء: 15] فذكر الرجل بعد الـمرأة ثم جمعهما جميعاً، فقال: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عطاء وعبد الله بن كثـير، قوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } قال: هذه للرجل والـمرأة جميعاً. قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل قوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } قول من قال: عنـي به البكران غير الـمـحصنـين إذا زنـيا وكان أحدهما رجلاً والآخر امرأة، لأنه لو كان مقصود بذلك قصد البـيان عن حكم الزناة من الرجال كما كان مقصوداً بقوله:وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } [النساء: 15] قصد البـيان عن حكم الزوانـي، لقـيـل: والذين يأتونها منكم فآذوهم، أو قـيـل: والذي يأتـيها منكم، كما قـيـل فـي التـي قبلها:

السابقالتالي
2 3 4