الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }

يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } والنساء اللاتـي يأتـين بـالزنا: أي يزنـين. { مِّن نِّسَائِكُمُ } وهن مـحصنات ذوات أزواج، أو غير ذوات أزواج. { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ } يقول: فـاستشهدوا علـيهنّ بـما أتـين من الفـاحشة أربعة رجال من رجالكم، يعنـي: من الـمسلـمين. { فَإِن شَهِدُواْ } علـيهن، { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى ٱلْبُيُوتِ } يقول: فـاحبسوهنّ فـي البـيوت، { حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ } يقول: حتـى يـمتن، { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } يعنـي: أو يجعل الله لهنّ مخرجاً وطريقاً إلـى النـجاة مـما أتـين به من الفـاحشة. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام الرفـاعي مـحمد بن يزيد، قال: ثنا يحيـى بن أبـي زائدة، عن ابن جريج، عن مـجاهد: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى ٱلْبُيُوتِ } أمر بحبسهن فـي البـيوت حتـى يـمتن { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } قال: الـحدّ. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } قال: الزنا، كان أمر بحبسهنّ حين يشهد علـيهن أربعة حتـى يـمتن { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } والسبـيـل: الـحدّ. حدثنا الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة عن ابن عبـاس، قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } إلـى: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } فكانت الـمرأة إذا زنت حبست فـي البـيت حتـى تـموت، ثم أنزل الله تبـارك وتعالـى بعد ذلك:ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } [النور: 2] فإن كانا مـحصنـين رُجما، فهذه سبـيـلهما الذي جعل الله لهما. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } فقد جعل الله لهنّ، وهو الـجلد والرجم. حدثنـي بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } حتـى بلغ: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } كان هذا من قبل الـحدود، فكانا يؤذيان بـالقول جميعاً، وبحبس الـمرأة. ثم جعل الله لهنّ سبـيلاً، فكان سبـيـل من أحصن جلد مائة ثم رمي بـالـحجارة، وسبـيـل من لـم يحصن جلد مائة ونفـي سنة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عطاء بن أبـي ربـاح وعبد الله بن كثـير: الفـاحشة: الزنا، والسبـيـل: الرجم والـجلد. حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ } إلـى: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } هؤلاء اللاتـي قد نكحن وأحصن، إذا زنت الـمرأة فإنها كانت تـحبس فـي البـيت ويأخذ زوجها مهرها فهو له، فذلك قوله:

السابقالتالي
2 3