الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } * { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }

يعني بقوله جلّ ثناؤه مخبراً عن قيل الشيطان المَريد، الذي وصف صفته في هذه الآية: ولأضلهم ولأصدنّ النصيب المفروض الذي أتخذه من عبادك عن محجة الهدى إلى الضلال، ومن الإسلام إلى الكفر. { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } يقول: لأزيغنهم بما أجعل في نفوسهم من الأماني عن طاعتك وتوحيدك إلى طاعتي، والشرك بك. { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ } يقول: ولآمرنّ النصيب المفروض لي من عبادك بعبادة غيرك من الأوثان والأنداد، حتى يَنْسُكوا له، ويحّرموا، ويحللوا له، ويشرعوا غير الذي شرعته لهم فيتبعوني ويخالفونك. والبَتْك: القطع، وهو في هذا الموضع: قطع أذن البَحِيرة ليعلم أنها بحيرة. وإنما أراد بذلك الخبيث أنه يدعوهم إلى البَحيرة فيستجيبون له ويعملون بها طاعة له. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ } قال: البَتْك في البَحيرة والسائبة، كانوا يُبَتِّكون آذانها لطواغيتهم. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ } أما يبتكنّ آذان الأنعام: فيشقونها فيجعلونها بحيرة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن عكرمة: { فَلَيُبَتِّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ } قال: دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب. القول في تأويل قوله تعالى: { وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ }. اختلف أهل التأويل في معنى قوله: { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } فقال بعضهم: معنى ذلك: ولآمرنهم فليغيرنّ خلق الله من البهائم باخصائهم إياها. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، أنه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ }. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الله بن داود، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس، أنه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ }. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: هو الإخصاء، يعني قول الله: { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ }. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن مطرف، قال: ثني رجل، عن ابن عباس، قال: إخصاء البهائم مُثْلَةٌ، ثم قرأ: { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ }. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، قال: من تغيير خلق الله الإخصاء. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، قال: أخبرني شبل، أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية: { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } قال: الخِصَاء، قال: فأمرت أبا التياح، فسأل الحسن عن خصاء الغنم، فقال: لا بأس به.

السابقالتالي
2 3 4 5