الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }

يقول تعالى ذكره: وحُشر الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في الدنيا، وأخلصوا له فيها الألوهية، وأفردوا له العبادة، فلم يشركوا في عبادتهم إياه شيئاً { إلى الجَنَّةِ زُمَراً } يعني جماعات، فكان سوق هؤلاء إلى منازلهم من الجنة وفدا على ما قد بيَّنا قبل في سورة مريم على نجائب من نجائب الجنة، وسوق الآخرين إلى النار دعًّا وورداً، كما قال الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وقد ذكرنا ذلك في أماكنه من هذا الكتاب. وقد: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً } وفي قوله: { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبَّهُمْ إلى الجَنَّةِ زُمَراً } قال: كان سوق أولئك عنفاً وتعباً ودفعاً، وقرأ: يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا قال: يدفعون دفعاً، وقرأ:فَذلِكَ الَّذي يَدُعُّ اليَتِيمَ } قال: يدفعه، وقرأونَسُوقُ المُجْرِمينَ إلى جَهَنَّمَ وِرْداً } وونَحْشُرُ المُتَّقِينَ إلى الرَّحْمَنِ وَفْداً } ثم قال: فهؤلاء وفد الله. حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه قوله: { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبَّهُمْ إلى الجَنَّةِ زُمَراً } حتى إذا انتهوا إلى بابها، إذا هم بشجرة يخرج من أصلها عينان، فعمدوا إلى إحداهما، فشربوا منها كأنما أمروا بها، فخرج ما في بطونهم من قذر أو أذى أو قذى، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتوضَّؤا منها كأنما أُمروا به، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً ولن تبلى ثيابهم بعدها، ثم دخلوا الجنة، فتلقتهم الولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون، فيقولون: أبشر، أعدّ الله لك كذا، وأعدّ لك كذا وكذا، ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه جندل اللؤلؤ الأحمر والأصفر والأخضر، يتلألأ كأنه البرق، فلولا أن الله قضى أن لا يذهب بصره لذهب، ثم يأتي بعضهم إلى بعض أزواجه، فيقول: أبشري قد قدم فلان ابن فلان، فيسميه باسمه واسم أبيه، فتقول: أنت رأيته، أنت رأيته فيستخفها الفرح حتى تقوم، فتجلس على أسكفة بابها، فيدخل فيتكىء على سريره، ويقرأ هذه الآية:الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدانا اللَّهُ } الآية. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: ذكر أبو إسحاق عن الحارث، عن عليّ رضي الله عنه قال: يساقون إلى الجنة، فينتهون إليها، فيجدون عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان تجريان، فيعمدون إلى إحداهما، فيغتسلون منها، فتجري عليهم نضرة النعيم، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً، ولن تغبر جلودهم بعدها أبداً، كأنما دهنوا بالدهان ويعمدون إلى الأخرى، فيشربون منها، فيذهب ما في بطونهم من قذى أو أذى، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون، فيفتح لهم، فتتلقاهم خزنة الجنة فيقولون

السابقالتالي
2 3