الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ }

اختلف أهل التأويل في الذي جاء بالصدق وصدّق به، وما ذلك، فقال بعضهم: الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: والصدق الذي جاء به: لا إله إلا الله، والذي صدّق به أيضاً، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ } يقول: من جاء بلا إله إلا الله { وَصَدَّقَ بِهِ } يعني: رسوله. وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي صدّق به: أبو بكر رضي الله عنه. ذكر من قال ذلك: حدثني أحمد بن منصور، قال: ثنا أحمد بن مصعد المروزي، قال: ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان، عن عليّ رضي الله عنه، في قوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ } قال: محمد صلى الله عليه وسلم، وصدّق به، قال: أبو بكر رضي الله عنه. وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصدق: القرآن، والمصدقون به: المؤمنون. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ } قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن، وصدّق به المؤمنون. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ } رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدّق به المسلمون. وقال آخرون: الذي جاء بالصدق جبريل، والصدق: القرآن الذي جاء به من عند الله، وصدّق به رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم.وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: المؤمنون، والصدق: القرآن، وهم المصدِّقون به. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد قوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } قال: الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة، فيقولون: هذا الذي أعطيتمونا فاتبعنا ما فيه. قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ وَصَدَّقِ بِهِ } قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الذي أعطيتمونا، فاتبعنا ما فيه. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره عنى بقوله: { وَالَّذِي جاءَ بالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } كلّ من دعا إلى توحيد الله، وتصديق رسوله، والعمل بما ابتعث به رسوله صلى الله عليه وسلم من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به، وأن يقال: الصدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله، والمصدّق به: المؤمنون بالقرآن، من جميع خلق الله كائنا من كان من نبيّ الله وأتباعه.

السابقالتالي
2