الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ }

يقول تعالـى ذكره: وانطلق الأشراف من هؤلاء الكافرين من قريش، القائلـين: { أجَعَلَ الآلِهَةَ إلهاً وَاحِداً } بأنِ امضُوا فـاصبروا علـى دينكم وعبـادة آلهتكم. فأن من قوله: { أن امْشُوا } فـي موضع نصب يتعلق انطلقوا بها، كأنه قـيـل: انطلقوا مشياً، ومضياً علـى دينكم. وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «وَانْطَلَقَ الـمَلأُ مِنْهُمْ يَـمْشُونَ أنِ اصْبِرُوا عَلـى آلِهَتِكُمْ». وذُكر أن قائل ذلك كان عُقْبة ابن أبـي مُعِيط. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن إبراهيـم بن مهاجر، عن مـجاهد: { وَانْطَلَق الـمَلأُ مِنْهُمْ } قال: عقبة بن أبـي معيط. وقوله: { إنَّ هَذَا لَشْيءٌ يُرَادُ }: أي إن هذا القول الذي يقول مـحمد، ويدعونا إلـيه، من قول لا إله إلا الله، شيء يريده منا مـحمد يطلب به الاستعلاء علـينا، وأن نكون له فـيه أتبـاعاً ولسنا مـجيبـيه إلـى ذلك. وقوله: { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله، فقال بعضهم: معناه: ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إلـيه مـحمد من البراءة من جميع الآلهة إلا من الله تعالـى ذكره، وبهذا الكتاب الذي جاء به فـي الـملَّة النصرانـية، قالوا: وهي الـملة الآخرة.ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } يقول: النصرانـية. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } يعنـي النصرانـية فقالوا: لو كان هذا القرآن حقاً أخبرتنا به النصارى. حدثنـي مـحمد بن إسحاق، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا ابن عُيـينة، عن ابن أبـي لبـيد، عن القُرَظِي فـي قوله: { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } قال: ملة عيسى. حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قلا: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط عن السديّ { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } النصرانـية. وقال آخرون: بل عَنَوا بذلك: ما سمعنا بهذا فـي ديننا دين قريش. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن مـحمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبـي بَزّة، عن مـجاهد، فـي قوله: { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } قال: ملة قريش. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قا: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: { فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ } قال: ملة قريش. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ما سَمِعْنا بِهَذَا فِـي الـمِلَّةِ الآخِرَةِ }: أي فـي ديننا هذا، ولا فـي زماننا قطُّ.

السابقالتالي
2 3