الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ }

اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: { عِبـادَنا } فقرأته عامة قرّاء الأمصار: { وَاذْكُرْ عِبـادَنا } علـى الـجماع غير ابن كثـير، فإنه ذكر عنه أنه قرأه: «وَاذْكُرْ عَبْدَنا» علـى التوحيد، كأنه يوجه الكلام إلـى أن إسحاق ويعقوب بن ذرّية إبراهيـم، وأنهما ذُكِرا من بعده. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عطاء، سمع ابن عبـاس يقرأ: «وَاذْكُرْ عَبْدَنا إبْرَاهِيـمَ» قال: إنـما ذكر إبراهيـم، ثم ذُكِر ولده بعده. والصواب عنده من القراءة فـي ذلك، قراءة من قرأه علـى الـجماع، علـى أن إبراهيـم وإسحاق ويعقوب بـيان عن العبـاد، وترجمة عنه، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه. وقوله: { أُولـي الأَيْدي والأبْصَارِ } ويعنـي بـالأيدي: القوّة، يقول: أهل القوّة علـى عبـادة الله وطاعته. ويعنـي بـالأبصار: أنهم أهل أبصار القلوب، يعنـي به: أولـي العقول للـحقّ. وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم فـي ذلك نـحواً مـما قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { أُولـي الأَيْدِي } يقول: أولـي القوّة والعبـادة، والأبْصَارِ يقول: الفقه فـي الدين. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { أُولـي الأَيْدي والأبْصَارِ } قال: فُضِّلوا بـالقوّة والعبـادة. حدثنـي مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور أنه قال فـي هذه الآية { أُولـي الأَيْدِي } قال: القوّة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن مـحمد بن عبد الرحن، عن القاسم بن أبـي بَزّة، عن مـجاهد، فـي قوله: { أُولـي الأَيْدِي } قال: القوّة فـي أمر الله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مـجاهد { أُولـي الأَيْدِي } قال: الأيدي: القوّة فـي أمر الله، { والأبصار }: العقول. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { أُولـي الأَيْدي والأَبْصَارِ } قال: القوّة فـي طاعة الله، { والأبصار }: قال: البصر فـي الـحقّ. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أُولـي الأَيْدي والأَبْصَارِ } يقول: أعطوا قوّة فـي العبـادة، وبصراً فـي الدين. حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قوله: { أُولـي الأَيْدِي والأَبْصَارِ } قال: الأيدي: القوّة فـي طاعة الله، والأبصار: البصر بعقولهم فـي دينهم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد، فـي قوله: { أُولـي الأَيْدِي والأَبْصَارِ } قال: الأيدي: القوّة، والأبصار: العقول. فإن قال لنا قائل: وما الأيدي من القوّة، والأيدي إنـما هي جمع يد، والـيد جارحة، وما العقول من الأبصار، وإنـما الأبصار جمع بصر؟ قـيـل: إن ذلك مثل، وذلك أن بـالـيد البطش، وبـالبطش تُعرف قوّة القويّ، فلذلك قـيـل للقويّ: ذويَدٍ وأما البصر، فإنه عنى به بصر القلب، وبه تنال معرفة الأشياء، فلذلك قـيـل للرجل العالـم بـالشيء: بصير به.

السابقالتالي
2 3