الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويـل فـي معنى قول الله عزّ وجلّ: { ص } ، فقال بعضهم: هو من الـمصاداة، من صاديت فلاناً، وهو أمر من ذلك، كأن معناه عندهم: صادٍ بعملك القرآن: أي عارضه به، ومن قال هذا تأويـله، فإنه يقرؤه بكسر الدال، لأنه أمر، وكذلك رُوي عن الـحسن ذكر الرواية بذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الـحسن { ص } قال: حادث القرآن. وحُدثت عن علـيّ بن عاصم، عن عمرو بن عبـيد، عن الـحسن، فـي قوله: { ص } قال: عارض القرآن بعملك. حدثت عن عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن الـحسن، فـي قوله: { ص والقرآن } قال: عارض القرآن، قال عبد الوهاب: يقول اعرضه علـى عملك، فـانظر أين عملك من القرآن. حدثنـي أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيـل، عن الـحسن أنه كان يقرأ: { ص والقرآن } بخفض الدال، وكان يجعلها من الـمصاداة، يقول: عارض القرآن. وقال آخرون: هي حرف هجاء. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: أما { ص } فمن الـحروف. وقال آخرون: هو قسم أقسم الله به. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { ص } قال: قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله. وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ص } قال: هو اسم من أسماء القرآن أقسم الله به. وقال آخرون: معنى ذلك: صدق الله. ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الـمسيب بن شريك، عن أبـي روق، عن الضحاك فـي قوله: { ص } قال: صدق الله. واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا عبد الله بن أبـي إسحاق وعيسى بن عمر، بسكون الدال، فأما عبد الله بن أبـي إسحاق فإنه كان يكسرها لاجتـماع الساكنـين، ويجعل ذلك بـمنزلة الآداة، كقول العرب: تركته حاثِ بـاثِ، وخازِ بـازِ يخفضان من أجل أن الذي يـلـي آخر الـحروف ألف فـيخفضون مع الألف، وينصبون مع غيرها، فـيقولون حيث بـيث، ولأجعلنك فـي حيص بـيص: إذا ضيق علـيه. وأما عيسى بن عمر فكان يوفِّق بـين جميع ما كان قبل آخر الـحروف منه ألف، وما كان قبل آخره ياء أو واو فـيفتـح جميع ذلك وينصبه، فـيقول: ص وق ون ويس، فـيجعل ذلك مثل الآداة كقولهم: لـيتَ، وأينَ وما أشبه ذلك. والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا السكون فـي كل ذلك، لأن ذلك القراءة التـي جاءت بها قرّاء الأمصار مستفـيضة فـيهم، وأنها حروف هجاء لأسماء الـمسميات، فـيعربن إعراب الأسماء والأدوات والأصوات، فـيسلك بهنّ مسالكهن، فتأويـلها إذ كانت كذلك تأويـل نظائرها التـي قد تقدم بـيانناها قبل فـيـما مضى.

السابقالتالي
2 3