الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }

يقول تعالـى ذكره: فمال علـى آلهة قومه ضربـاً لها بـالـيـمين بفأس فـي يده يكسرهنّ، كما: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: لـما خلا جعل يضرب آلهتهم بـالـيـمين. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك، فذكر مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ ضَرْبـاً بـالـيَـمِينِ } فأقبل علـيهم يكسرهم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: ثم أقبل علـيهم كما قال الله ضربـاً بـالـيـمين، ثم جعل يكسرهنّ بفأس فـي يده. وكان بعض أهل العربـية يتأوّل ذلك بـمعنى: فراغ علـيهم ضربـاً بـالقوّة والقدرة، ويقول: الـيـمين فـي هذا الـموضع: القوّة: وبعضهم كان يتأوّل الـيـمين فـي هذا الـموضع: الـحلف، ويقول: جعل يضربهنّ بـالـيـمين التـي حلف بها بقوله:وَتاللّهِ لأَكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ } وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ صَفْقاً بـالـيَـمِينِ». ورُوي نـحو ذلك عن الـحسن. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا خالد بن عبد الله الـجُشَمِي، قال: سمعت الـحسن قرأ: «فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ صَفْقاً بـالـيَـمِينِ»: أي ضربـاً بـالـيـمين. وقوله: { فأَقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفة: { فأَقْبَلُوا إلَـيْهِ يَزِفُّونَ } بفتـح الـياء وتشديد الفـاء من قولهم: زَفَّتِ النعامة، وذلك أوّل عدوها، وآخر مشيها ومنه قول الفرزدق:
وَجاءَ قَرِيعُ الشَّوْلِ قَبْلِ إفـالِهَا   يَزِفُّ وَجاءَتْ خَـلْفَهُ وَهْي زُفَّفُ
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة: «يُزِفُّونَ» بضم الـياء وتشديد الفـاء من أزف فهو يزف. وكان الفرّاء يزعم أنه لـم يسمع فـي ذلك إلا زفَفْت، ويقول: لعلّ قراءة من قرأه: «يَزِفُّونَ» بضم الـياء من قول العرب: أطْرَدتُ الرجل: أي صيرته طريداً، وطردته: إذا أنت خسأته إذا قلت: اذهب عنا فـيكون يزفون: أي جاؤوا علـى هذه الهيئة بـمنزلة الـمزفوفة علـى هذه الـحالة، فتدخـل الألف. كما تقول: أحمدت الرجل: إذا أظهرت حمده، وهو مـحمد: إذا رأيت أمره إلـى الـحمد، ولـم تنشر حمده قال: وأنشدنـي الـمفضَّل:
تَـمَنَّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جِذاعَهُ   فأَمْسَى حُصَيْنٌ قَدْ أذَلَّ وأقْهَرا
فقال: أقْهَر، وإنـما هو قُهِر، ولكنه أراد صار إلـى حال قهر. وقرأ ذلك بعضهم: «يَزِفُونَ» بفتـح الـياء وتـخفـيف الفـاء من وَزَفَ يَزِف. وذُكر عن الكسائي أنه لا يعرفها، وقال الفرّاء: لا أعرفها إلا أن تكون لغة لـم أسمعها. وذُكر عن مـجاهد أنه كان يقول: الوَزْف: النَّسَلان. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { إلَـيْهِ يَزِفُّوزنَ } قال: الوزيف: النَّسَلان.

السابقالتالي
2