الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ }

يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَّتـى حِينٍ }: فأعرض عنهم إلـى حين. واختلف أهل التأويـل فـي هذا الـحين، فقال بعضهم: معناه إلـى الـموت. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتـى حِينٍ }: أي إلـى الـموت. وقال آخرون: إلـى يوم بدر. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتـى حِينٍ } قال: حتـى يوم بدر. وقال آخرون: معنى ذلك: إلـى يوم القـيامة. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتـى حِينٍ } قال: يوم القـيامة. وهذا القول الذي قاله السديّ، أشبه بـما دلّ علـيه ظاهر التنزيـل، وذلك أن الله توعدهم بـالعذاب الذي كانوا يستعجلونه، فقال: { أفَبِعَذَابِنا يَسْتَعْجِلُونَ } ، وأمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعْرِض علـيهم إلـى مـجِيء حينه. فتأويـل الكلام: فتولّ عنهم يا مـحمد إلـى حين مـجِيء عذابنا، ونزوله بهم. وقوله: { وأبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ }: وأنظرهم فسوف يرون ما يحلّ بهم من عقابنا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَأبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } حين لا ينفعهم البصر. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } يقول: أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد الـيوم، قال: يقول: يبصرون يوم القـيامة ما ضيَّعوا من أمر الله، وكفرهم بـالله ورسوله وكتابه، قال: فأبصرهم وأبصر، واحد. وقوله: { أفَبِعَذَابِنا يَسْتَعْجِلُونَ } يقول: فبنزول عذابنا بهم يستعجلونك يا مـحمد، وذلك قولهم للنبـيّ صلى الله عليه وسلممَتـى هَذَا الوَعْدُ إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ } وقوله: { فإذَا نَزَلَ بساحَتِهِمْ } يقول: فإذا نزل بهؤلاء الـمشركين الـمستعجلـين بعذاب الله العذاب. العرب تقول: نزل بساحة فلان العذاب والعقوبة، وذلك إذا نزل به والساحة: هي فناء دار الرجل، { فَساءَ صَبـاحُ الـمُنْذَرِينَ } يقول: فبئس صبـاح القوم الذين أنذرهم رسولنا نزول ذلك العذاب بهم فلـم يصدّقوا به. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد قال ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { فإذَا نَزَلَ بساحَتِهِمْ } قال: بدارهم، { فَساءَ صَبـاحُ الـمُنْذَرِينَ } قال: بئس ما يصبحون.