الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ }

يقول تعالـى ذكره: فلـما جاءهم الذكر من عند الله كفروا به، وذلك كفرهم بـمـحمد صلى الله عليه وسلم وبـما جاءهم به من عند الله من التنزيـل والكتاب، يقول الله: فسوف يعلـمون إذا وردوا علـيّ ماذا لهم من العذاب بكفرهم بذلك. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله:لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ لَكُنَّا عبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ } قال: لـما جاء الـمشركين من أهل مكة ذكر الأوّلـين وعلـم الآخرين كفروا بـالكتاب { فسَوْفَ يَعْلَـمُونَ } يقول: قد جاءكم مـحمد بذلك، فكفروا بـالقرآن وبـما جاء به مـحمد. وقوله: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِـمَتُنا لِعبـادِنا الـمُرْسَلِـينَ إنَّهُمْ لَهُمُ الـمَنْصُورُونَ } يقول تعالـى ذكره: ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم الـمنصورون: أي مضى بهذا منا القضاء والـحكم فـي أمّ الكتاب، وهو أنهم النُّصرة والغَلبة بـالـحجج، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِـمَتُنا لعبـادِنا الـمُرْسَلِـينَ } حتـى بلغ: { لَهُمُ الغالِبُونَ } قال: سبق هذا من الله لهم أن ينصرهم. حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِـمَتُنا لعِبـادِنا الـمُرْسَلِـينَ إنَّهُمْ لَهُمُ الـمَنْصُورُونَ } يقول: بـالـحجج. وكان بعض أهل العربـية يتأوّل ذلك: ولقد سبقت كلـمتنا لعبـادنا الـمرسلـين بـالسعادة. وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِـمَتُنا علـى عبـادِنا الـمُرْسَلِـينَ» فجعلت علـى مكان اللام، فكأن الـمعنى: حقت علـيهم ولهم، كما قـيـل: علـى مُلك سلـيـمان، وفـي مُلك سلـيـمان، إذ كان معنى ذلك واحداً. وقوله: { وَإنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبُونَ } يقول: وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهمُ الغالبون، يقول لهم الظفر والفلاح علـى أهل الكفر بنا، والـخلاف علـينا.