الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ }

يقول تعالـى ذكره: وإن يونس لـمرسلٌ من الـمرسلـين إلـى أقوامهم { إذْ أَبَقَ إلـى الفُلْكِ الـمَشْحُونِ } يقول: حين فرّ إلـى الفُلك، وهو السفـينة، الـمشحون: وهو الـمـملوء من الـحمولة الـمُوقَر، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إلـى الفُلْكِ الـمَشْحُون } كنَّا نـحدَّث أنه الـموقر من الفُلك. حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { الفُلكِ الـمَشْحُونِ } قال: الـموقر. وقوله: { فَساهَمَ } يقول: فقارَعَ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { فَساهَمَ } يقول أقْرَعَ. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الـمُدْحَضِينَ } قال: فـاحتبست السفـينة، فعلـم القوم أنـما احتبست من حدث أحدثوه، فتساهموا، فقُرِع يونس، فرمى بنفسه، فـالتقمه الـحوت. حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { فَساهَمَ } قال: قارع. وقوله: { فَكانَ مِنَ الـمُدْحَضِينَ } يعنـي: فكان من الـمسهومين الـمغلوبـين، يقال منه: أدحض الله حجة فلان فدحضت: أي أبطلها فبطلت، والدَّحْض: أصله الزلق فـي الـماء والطين، وقد ذُكر عنهم: دَحَض الله حجته، وهي قلـيـلة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { فَكانَ مِنَ الـمُدْحَضِينَ } يقول: من الـمقروعين. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { مِنَ الـمُدْحَضِينَ } قال: من الـمسهومين. حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قوله: { فَكان مِنَ الـمُدْحَضِينَ } قال: من الـمقروعين. وقوله: { فـالْتَقَمَهُ الـحُوتُ } يقول: فـابتلعه الـحوت وهو افتعل من اللَّقْم. وقوله: { وَهُوَ مُلِـيـمُ } يقول: وهو مكتسب اللوم، يقال: قد ألام الرجل، إذا أتـى ما يُلام علـيه من الأمر وإن لـم يُـلَـم، كما يقال: أصبحتَ مُـحْمِقاً مُعْطِشاً: أي عندك الـحمق والعطش ومنه قول لبـيد:
سَفَهاً عَذَلْتَ ولُـمْتَ غيرَ مُلِـيـمِ   وَهَداكَ قَبلَ الـيوْمِ غيرُ حَكِيـم
فأما الـملوم فهو الذي يُلام بـاللسان، ويعذل بـالقول. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنـي أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَهُوَ مُلِـيـمٌ } قال: مذنب. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَهُوَ مُلِـيـمٌ }: أي فـي صنعه. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَهُوَ مُلِـيـمٌ } قال: وهو مذنب، قال: والـملـيـم: الـمذنب.