الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { وَلَقَدْ أضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِـيراً }: ولقد صدّ الشيطان منكم خـلقاً كثـيراً عن طاعتـي، وإفرادي بـالألوهة حتـى عبدوه، واتـخذوا من دونـي آلهة يعبدونها، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { وَلَقَدْ أضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ } قال: خـلقاً. واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة وبعض الكوفـيـين { جِبِلاًّ } بكسر الـجيـم وتشديد اللام، وكان بعض الـمكِّيـين وعامة قرّاء الكوفة يقرؤونه: «جُبُلاً» بضم الـجيـم والبـاء وتـخفـيف اللام. وكان بعض قرّاء البصرة يقرؤه: «جُبْلاً» بضم الـجيـم وتسكين البـاء، وكل هذه لغات معروفـات، غير أنـي لا أحبّ القراءة فـي ذلك إلا بإحدى القراءتـين اللتـين إحداهما بكسر الـجيـم وتشديد اللام، والأخرى: ضم الـجيـم والبـاء وتـخفـيف اللام، لأن ذلك هو القراءة التـي علـيها عامة قرّاء الأمصار. وقوله: { أفَلَـمْ تَكُونُوا تَعْقلُونَ } يقول: أفلـم تكونوا تعقلون أيها الـمشركون، إذ أطعتـم الشيطان فـي عبـادة غير الله، أنه لا ينبغي لكم أن تطيعوا عدوّكم وعدوّ الله، وتعبدوا غير الله. وقوله: { هَذِهِ جَهَنَّـم التـي كُنْتُـمْ تُوعَدُونَ } يقول: هذه جهنـم التـي كنتـم توعدون بها فـي الدنـيا علـى كفركم بـالله، وتكذيبكم رسله، فكنتـم بها تكذّبون. وقـيـل: إن جهنـم أوّل بـاب من أبواب النار. وقوله: { اصْلَوْها الـيَوْمَ بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ } يقول: احترقُوا بها الـيوم ورِدُوها يعنـي بـالـيوم: يوم القـيامة { بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ }: يقول: بـما كنتـم تَـجْحدونها فـي الدنـيا، وتكذّبون بها.