يعنـي تعالـى بقوله: { هُمُ } أصحاب الـجنة { وأزْوَاجُهُمْ } من أهل الـجنة فـي الـجنة، كما: حدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { هُمْ وأزْوَاجُهُمْ فـي ظِلالٍ } قال: حلائلهم فـي ظُلَل. واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: «فِـي ظُلَلٍ» بـمعنى: جمع ظلة، كما تُـجمع الْـحُلة حُللاً. وقرأه آخرون: { فِـي ظِلالٍ } وإذا قرىء ذلك كذلك كان له وجهان: أحدهما أن يكون مُراداً به جمع الظُّلَل الذي هو بـمعنى الكِنّ، فـيكون معنى الكلـمة حينئذٍ: هم وأزواجهم فـي كنّ لا يضْحَوْن لشمس كما يَضْحَى لها أهلُ الدنـيا، لأنه لا شمس فـيها. والآخر: أن يكون مراداً به جمع ظلة، فـيكون وجه جمعها كذلك نظير جمعهم الـحلة فـي الكثرة: الـخِلال، والقُلَّة: قِلال. وقوله: { عَلـى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } والأرائك: هي الـحِجال فـيها السُرر والفُرُش: واحدتها أريكة، وكان بعضهم يزعم أن كلّ فِراش فأريكة، ويستشهد لقوله ذلك بقول ذي الرمة:
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا حُصَيْن، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { عَلـى الأَرَائِكِ مُتَّكِئِونَ } قال: هي السُّرُر فـي الـحِجال. حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن مـجاهد، فـي قول الله: { عَلـى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } قال: الأرائك: السُّرر علـيها الـحِجال. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفـيان، قال: ثنا حصين، عن مـجاهد، فـي قوله:{ مُتَّكِئِينَ عَلـى الأرَائِكِ } قال: الأرائك: السُّرُر فـي الـحِجال. حدثنا أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا حُصَيْن، عن مـجاهد، فـي قوله: { عَلـى الأرَائك } قال: سُرُر علـيها الـحِجال. حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا الـمعتـمر، عن أبـيه، قال: زعم مـحمد أن عكرمة قال: الأرائك: السُّرُر فـي الـحِجال. حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَـية، عن أبـي رجاء، قال: سمعت الـحسن، وسأله رجل عن الأرائك قال: هي الـحجال. أهل الـيـمن يقولون: أريكة فلان. وسمعت عكرمة وسئل عنها فقال: هي الـحجال علـى السُّرُر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { علـى الأرائِكِ مُتَّكِئُونَ } قال: هي الـحِجال فـيها السرر. وقوله: { لَهُمْ فِـيها فـاكِهَةٌ } يقول لهؤلاء الذين ذكرهم تبـارك وتعالـى من أهل الـجنة فـي الـجنة فـاكهة { وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ } يقول: ولهم فـيها ما يتَـمَّنون. وذُكر عن العرب أنها تقول: دع علـيّ ما شئت: أي تـمنّ علـيّ ما شئت. وقوله: { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبّ رَحِيـمٍ } فـي رفع سلامٌ وجهان فـي قول بعض نـحويـيّ الكوفة أحدهما: أن يكون خبراً لـما يدّعون، فـيكون معنى الكلام: ولهم ما يدّعون مسلَّـم لهم خالص. وإذا وُجِّه معنى الكلام إلـى ذلك كان القول حينئذٍ منصوبـاً توكيداً خارجاً من السلام، كأنه قـيـل: ولهم فـيها ما يدّعون مسلَّـم خالص حقاً، كأنه قـيـل: قاله قولاً.