الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

يقول تعالـى ذكره: { ونُفِخَ فِـي الصُّورِ } ، وقد ذكرنا اختلاف الـمختلفـين والصواب من القول فـيه بشواهده فـيـما مضى قبل بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع، ويُعْنَى بهذه النفخة، نفخة البعث. وقوله: { فإذَا هُمْ مِنَ الأجْدَاثِ } يعنـي من أجداثهم، وهي قبورهم، واحدها جَدَث، وفـيها لغتان، فأما أهل العالـية، فتقوله بـالثاء: جَدَث، وأما أهل السافلة فتقوله بـالفـاء جَدَف. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { مِنَ الأَجْدَاثِ إلـى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ } يقول: من القبور. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فإذَا هُمْ مِنَ الأجْداث }: أي من القبور. وقوله: { إلـى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ } يقول: إلـى ربهم يخرجون سراعاً، والنَّسَلان: الإسراع فـي الـمشي. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { يَنْسِلونَ } يقول: يخرجون. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إلـى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ }: أي يخرجون. وقوله: { قالُوا يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا ما وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ } يقول تعالـى ذكره: قال هؤلاء الـمشركون لـما نُفخ فـي الصور نفخة البعث لـموقـف القـيامة فردّت أرواحهم إلـى أجسامهم، وذلك بعد نومة ناموها: { يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } وقد قـيـل: إن ذلك نومة بـين النفختـين. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن خيثمة، عن الـحسن، عن أُبـيّ بن كعب، فـي قوله: { يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } قال: ناموا نومة قبل البعث. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن رجل يقال له خيثمة فـي قوله: { يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } قال: ينامون نومة قبل البعث. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { قالُوا يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } هذا قول أهل الضلالة. والرَّقدة: ما بـين النفختـين. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا } قال: الكافرون يقولونه. ويعنـي بقوله: { مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا } من أيقظنا من منامنا، وهو من قولهم: بعث فلان ناقته فـانبعثت، إذا أثارها فثارت. وقد ذُكر أن ذلك فـي قراءة ابن مسعود: «مَنْ أهَبَّنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا».

السابقالتالي
2