الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ }

يقول تعالـى ذكره: والله الذي أرسل الرياح فتثـير السحاب للـحَيا والغيث { فَسقْناهُ إلـى بَلَدٍ مَيِّتٍ } يقول: فسقناه إلـى بلد مـجدب الأهل، مـحل الأرض، داثر لا نبت فـيه ولا زرع { فَأحْيَـيْنا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها } يقول: فأخصبنا بغيث ذلك السحاب الأرض التـي سقناه إلـيها بعد جدوبها، وأنبتنا فـيها الزرع بعد الـمـحل { كَذلكَ النُّشُورُ } يقول تعالـى ذكره: هكذا يُنْشِر الله الـموتـى بعد بلائهم فـي قبورهم، فـيحيـيهم بعد فنائهم، كما أحيـينا هذه الأرض بـالغيث بعد مـماتها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن سلـمة بن كهيـل، قال: ثنا أبو الزعراء، عن عبد الله، قال: يكون بـين النفختـين ما شاء الله أن يكون، فلـيس من بنـي آدم إلاَّ وفـي الأرض منه شيء. قال: فـيرسل الله ماء من تـحت العرش منـيًّا كمنـيّ الرجل، فتنبت أجسادهم ولـحمانهم من ذلك، كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ: { وَاللّهُ الَّذِي أرْسَلَ الرّياحَ فَتُثـيرُ سَحَابـاً فَسقْناهُ إلـى بَلَدٍ مَيِّتْ... } إلـى قوله: { كَذلكَ النُشُورُ } قال: ثم يقوم ملَك بـالصور بـين السماء والأرض، فـينفخ فـيه، فتنطلق كلّ نفس إلـى جسدها، فتدخـل فـيه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَاللّهُ الَّذِي أرْسَلَ الرّياحَ فَتُثـيرُ سحَابـاً } قال: يرسل الرياح فتسوق السحاب، فأحيا الله به هذه الأرض الـميتة بهذا الـماء، فكذلك يبعثه يوم القـيامة.