الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }

يقول تعالـى ذكره: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمشركين من قومك: إنـما أعظكم أيُّها القوم بواحدة وهي طاعة الله، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { إنَّـما أعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ } قال: بطاعة الله. وقوله: { أنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } يقول: وتلك الواحدة التـي أعظكم بها هي أن تقوموا لله اثنـين اثنـين، { وفُرادَى } فُرادَى، فإن فـي موضع خفض ترجمة عن الواحدة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنـي أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { أنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } قال: واحداً واثنـين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { قُلْ إنَّـمَا أعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } رجلاً ورجلـين. وقـيـل: إنـما قـيـل: إنـما أعظكم بواحدة، وتلك الواحدة أن تقوموا لله بـالنصيحة وترك الهوى. { مَثْنَى } يقول: يقوم الرجل منكم مع آخر فـيتصادقان علـى الـمناظرة، هل علـمتـم بـمـحمد صلى الله عليه وسلم جنوناً قطُّ؟ ثم ينفرد كل واحد منكم، فـيتفكر ويعتبر فرداً هل كان ذلك به؟ فتعلـموا حينئذٍ أنه نذير لكم. وقوله: { ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ } يقول: لأنه لـيس بـمـجنون. وقوله { إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَـينَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } يقول: ما مـحمد إلاَّ نذير لكم ينذركم علـى كفركم بـالله عقابه أمام عذاب جهنـم قبل أن تَصْلَوْها، وقوله: «هو» كناية اسم مـحمد صلى الله عليه وسلم.