الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ }

يقول تعالـى ذكره: وما كان لإبلـيس علـى هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم من حُجة يضلهم بها، إلا بتسلـيطناه علـيهم، لُـيعلـم حزبُناً وأولـياؤنا { مَنْ يُؤْمِنُ بـالآخِرَةِ } يقول: من يصدّق بـالبعث والثواب والعقاب { مِـمَّنْ هُوَ مِنْها فِـي شَكَ } فلا يُوقِن بـالـمعاد، ولا يصدّق بثواب ولا عقاب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَما كانَ لَهُ عَلَـيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ } قال: قال الـحسن: والله ما ضربهم بعصا ولا سَيف ولا سَوْط، إلا أمانـيّ وغروراً دعاهم إلـيها. قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { إلاَّ لِنَعْلَـمَ مَنْ يُؤْمِنُ بـالآخِرَةِ مِـمَّنْ هُوَ مِنْها فِـي شكّ } قال: وإنـما كان بلاءً لـيَعلـم الله الكافر من الـمؤمن. وقـيـل: عُنِـي بقوله: { إلاَّ لِنَعْلَـمَ مَنْ يُؤْمِنُ بـالآخِرَةِ } إلا لنعلـم ذلك موجوداً ظاهراً لـيستـحقّ به الثواب أو العقاب. وقوله: { وَرَبُّكَ علـى كُلّ شَيْءٍ حَفِـيظٌ } يقول تعالـى ذكره: وربك يا مـحمد علـى أعمال هؤلاء الكفرة به، وغير ذلك من الأشياء كلها { حَفِـيظٌ } لا يعزب عنه علـم شيء منه، وهو مُـجازٍ جميعَهم يوم القـيامة، بـمِا كسبوا فـي الدنـيا من خير وشرّ.