الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ }

يعنـي تعالـى ذكره: يعمل الـجنّ لسلـيـمان ما يشاء من مـحاريب، وهي جمع مـحراب، والـمـحراب: مقدّم كل مسجد وبـيت ومصلًّـى ومنه قول عديّ بن زيد:
كَدُمَى العاجِ فِـي الـمَـحارِيبِ أوْ كالْ   بَـيضِ فـي الرَّوْضِ زَهْرُهُ مُسْتَنِـيرُ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { ما يَشاءُ مِنْ مَـحَارِيبَ } قال: بنـيان دون القصور. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَـحَارِيبَ } وقصور ومساجد. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَـحَارِيبَ } قال: الـمـحاريب: الـمساكن. وقرأ قول الله:فَنادَتْهُ الـمَلائكَةُ وَهُوَ قائمٌ يُصَلِّـي فِـي الـمـحْرابِ } حدثنـي عمرو بن عبد الـحميد الآملـي، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جُوَيبر، عن الضحاك: { يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَـحَارِيبَ } قال: الـمـحاريب: الـمساجد. وقوله: { وتَـماثِـيـلَ } يعنـي أنهم يعملون له تـماثـيـل من نـحاس وزجاج، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { وتَـماثِـيـلَ } قال: من نـحاس. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وتَـماثِـيـلَ } قال: من زجاج وشَبَه. حدثنا عمرو بن عبد الـحميد، قال: ثنا مروان، عن جُوَيبر، عن الضحاك فـي قول الله { وتَـماثِـيـلَ } قال: الصور. وقوله: { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } يقول: وينـحتون له ما يشاء من جفـان كالـجواب وهي جمع جابـية، والـجابـية: الـحوض الذي يُجْبَـي فـيه الـماء، كما قال الأعشى ميـمون بن قَـيس:
تَرُوحُ علـى نادِي الـمُـحَلَّقِ جَفْنَةٌ   كَجابِـيَةِ الشَّيْخِ العِرَاقِـيّ تَفْهَقُ
وكما قال الآخر:
فَصَبَّحْتُ جابِـيَةً صُهارِجا   كأنَّها جِلْدُ السَّماءِ خارِجا
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } يقول: كالـجوبة من الأرض. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } يعنـي بـالـجواب: الـحياض. وحدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } قال: كالـحياض. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } قال: حياض الإبل. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَجِفـانٍ كالـجَوَابِ } قال: جفـان كجوبة الأرض من العظم، والـجوبة من الأرض: يستنقع فـيها الـماء.

السابقالتالي
2