الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً }

يقول تعالـى ذكره: لئن لـم ينته أهل النفـاق، الذين يستسرّون الكفر، ويظهرون الإيـمان { وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } يعنـي: ريبة من شهوة الزنا وحبّ الفجور. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو بن علـيّ، قال: ثنا أبو عبد الصمد، قال: ثنا مالك بن دينار، عن عكرِمة، فـي قوله: { لَئِنْ لَـمْ يَنْتهِ الـمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: هم الزناة. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلـى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: شهوة الزنا. قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا أبو صالـح التـمار، قال: سمعت عكرِمة فـي قوله: { فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: شهوة الزنا. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة عمن حدثه، عن أبـي صالـح { وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: الزناة. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { لَئِنْ لَـمْ يَنْتَهِ الـمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }.... الآية، قال: هؤلاء صنف من الـمنافقـين { وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } أصحاب الزنا، قال: أهل الزنا من أهل النفـاق الذين يطلبون النساء فـيبتغون الزنا. وقرأ:فَلا تَـخْضَعْنَ بـالقَوْلِ فَـيَطْمَعَ الَّذِي فِـي قَلْبِهِ مَرَضٌ } قال: والـمنافقون أصناف عشرة فـي براءة، قال: فـالذين فـي قلوبهم مرض صنف منهم مرض من أمر النساء. وقوله: { وَالـمُرْجِفُونَ فِـي الـمَدِينَةِ } يقول: وأهل الإرجاف فـي الـمدينة بـالكذب والبـاطل. وكان إرجافهم فـيـما ذُكر كالذي: حدثنـي بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { لَئِنْ لَـمْ يَنْتَهِ الـمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالـمُرْجِفُونَ فِـي الـمَدِينَةِ }.... الآية، الإرجاف: الكذب الذي كان نافقه أهل النفـاق، وكانوا يقولون: أتاكم عدد وعدّة. وذكر لنا أن الـمنافقـين أرادوا أن يظهروا ما فـي قلوبهم من النفـاق، فأوعدهم الله بهذه الآية، قوله: { لَئِنْ لَـمْ يَنْتَهِ الـمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }.... الآية فلـما أوعدهم الله بهذه الآية كتـموا ذلك وأسرّوه. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { وَالـمُرْجِفُونَ فِـي الـمَدِينَةِ } هم أهل النفـاق أيضاً الذين يرجفون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبـالـمؤمنـين. وقوله: { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } يقول: لنسلطنك علـيهم ولنـحرّشنك بهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } يقول: لنسلطنك علـيهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ }: أي لنـحملنك علـيهم لنـحرشنك بهم. قوله: { ثُمَّ لا يُجاوِرونكَ فِـيها إلاَّ قَلِـيلاً } يقول: ثم لننفـينهم عن مدينتك فلا يسكنون معك فـيها إلا قلـيلاً من الـمدة والأجل، حتـى تنفـيهم عنها، فنـخرجهم منها، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فِـيها إلاَّ قَلِـيلاً } أي بـالـمدينة.

السابقالتالي
2