الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } فقال بعضهم: عنى بقوله: ترجي: تؤخِّر، وبقوله: تؤْوي: تضمّ. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ } يقول: تؤخر. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { تُرْجي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ } قال: تعزل بغير طلاق من أزواجك من تشاء { وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: تردّها إلـيك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: فجعله الله فـي حلّ من ذلك أن يدع من يشاء منهنّ، ويأتـي من يشاء منهنّ بغير قسم، وكان نبـيّ الله يقسم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن أبـي رزين { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: لـما أشفقن أن يطلقهنّ، قلن: يا نبـيّ الله، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت فكان مـمن أرجأ منهنّ سودة بنت زمعة، وجُوَيرية، وصفـية، وأمّ حبـيبة، وميـمونة وكان مـمن آوى إلـيه: عائشة، وأمّ سلـمة، وحفصة، وزينب. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول، فـي قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } فما شاء صنع فـي القسمة بـين النساء، أحل الله له ذلك. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير عن منصور، عن أبـي رزين، فـي قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } وكان مـمن آوى علـيه الصلاة والسلام: عائشة، وحفصة، وزينب، وأمّ سلـمة، فكان قسمه من نفسه لهنّ سويّ قسمه وكان مـمن أرجى: سودة، وجُوَيرية، وصفـية، وأمّ حبـيبة، وميـمونة، فكان يقسم لهنّ ما شاء، وكان أراد أن يفـارقهنّ، فقلن: اقسم لنا من نفسك ما شئت، ودعنا نكون علـى حالنا. وقال آخرون: معنى ذلك: تطلق وتـخـلـي سبـيـل من شئت من نسائك، وتـمسك من شئت منهنّ فلا تطلق. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ أمها الـمؤمنـين وَتُؤْوي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } يعنـي: نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم، ويعنـي بـالإرجاء: يقول: من شئت خـلـيت سبـيـله منهنّ، ويعنـي بـالإيواء: يقول: من أحببت: أمسكت منهنّ. وقال آخرون: بل معنى ذلك: تترك نكاح من شئت، وتنكح من شئت من نساء أمتك.

السابقالتالي
2 3 4