اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } فقال بعضهم: عنى بقوله: ترجي: تؤخِّر، وبقوله: تؤْوي: تضمّ. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ } يقول: تؤخر. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { تُرْجي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ } قال: تعزل بغير طلاق من أزواجك من تشاء { وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: تردّها إلـيك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: فجعله الله فـي حلّ من ذلك أن يدع من يشاء منهنّ، ويأتـي من يشاء منهنّ بغير قسم، وكان نبـيّ الله يقسم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن أبـي رزين { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } قال: لـما أشفقن أن يطلقهنّ، قلن: يا نبـيّ الله، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت فكان مـمن أرجأ منهنّ سودة بنت زمعة، وجُوَيرية، وصفـية، وأمّ حبـيبة، وميـمونة وكان مـمن آوى إلـيه: عائشة، وأمّ سلـمة، وحفصة، وزينب. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول، فـي قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } فما شاء صنع فـي القسمة بـين النساء، أحل الله له ذلك. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير عن منصور، عن أبـي رزين، فـي قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } وكان مـمن آوى علـيه الصلاة والسلام: عائشة، وحفصة، وزينب، وأمّ سلـمة، فكان قسمه من نفسه لهنّ سويّ قسمه وكان مـمن أرجى: سودة، وجُوَيرية، وصفـية، وأمّ حبـيبة، وميـمونة، فكان يقسم لهنّ ما شاء، وكان أراد أن يفـارقهنّ، فقلن: اقسم لنا من نفسك ما شئت، ودعنا نكون علـى حالنا. وقال آخرون: معنى ذلك: تطلق وتـخـلـي سبـيـل من شئت من نسائك، وتـمسك من شئت منهنّ فلا تطلق. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: { تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ أمها الـمؤمنـين وَتُؤْوي إلَـيْكَ مَنْ تَشاءُ } يعنـي: نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم، ويعنـي بـالإرجاء: يقول: من شئت خـلـيت سبـيـله منهنّ، ويعنـي بـالإيواء: يقول: من أحببت: أمسكت منهنّ. وقال آخرون: بل معنى ذلك: تترك نكاح من شئت، وتنكح من شئت من نساء أمتك.