الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { يا أيُّها النَّبِـيُّ إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ } يعنـي: اللاتـي تزوّجتهنّ بصداق مسمى، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { أزْوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ } قال: صدقاتهنّ. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { يا أيُّهَا النَّبِـيُّ إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ } قال: كان كل امرأة آتاها مهراً، فقد أحلها الله له. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { يا أيُّها النَّبِـيُّ إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزَوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ }... إلـى قوله: { خِالصَةً لَكَ مِنْ دُون الـمُؤْمِنِـينَ } فما كان من هذه التسمية ما شاء كثـيراً أو قلـيلاً. وقوله: { وَما مَلَكَتْ يَـمِينُكَ مـمَّا أفـاءَ اللَّهُ عَلَـيْكَ } يقول: وأحللنا لك إماءك اللواتـي سبـيتهنّ، فملكتهنّ بـالسبـاء، وصرن لك بفتـح الله علـيك من الفـيء { وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتـي هاجَرْنَ مَعَكَ } فأحلّ الله له صلى الله عليه وسلم من بنات عمه وعماته وخاله وخالاته، الـمهاجرات معه منهنّ دون من لـم يهاجر منهنّ معه، كما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الله بن موسى، عن إسرائيـل، عن السدي، عن أبـي صالـح، عن أمّ هانىء، قالت: خطبنـي النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فـاعتذرت له بعذري، ثم أنزل الله علـيه: { إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ }... إلـى قوله { اللاَّتِـي هاجَرْنَ مَعَكَ } قالت: فلـم أحلّ له، لـم أهاجر معه، كنت من الطلقاء. وقد ذُكر أن ذلك فـي قراءة ابن مسعود: «وَبَناتِ خالاتِكَ وَاللاَّتِـي هاجَرْنَ مَعَكَ» بواو وذلك وإن كان كذلك فـي قراءته مـحتـمل أن يكون بـمعنى قراءتنا بغير الواو، وذلك أن العرب تدخـل الواو فـي نعت من قد تقدم ذكره أحياناً، كما قال الشاعر:
فإِنَّ رُشيداً وَابنَ مَرْوَانَ لَـمْ يَكُنْ   لِـيَفْعَلَ حتـى يَصْدُرَ الأَمْرُ مَصْدَرَا
ورشيد هو ابن مروان. وكان الضحاك بن مزاحم يتأوّل قراءة عبد الله هذه أنهنّ نوع غير بنات خالاته، وأنهنّ كل مهاجرة هاجرت مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم. ذكر الـخبر عنه بذلك: حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي حرف ابن مسعود: «وَاللاَّتِـي هاجَرْنَ مَعَكَ» يعنـي بذلك: كلّ شيء هاجر معه لـيس من بنات العمّ والعمة، ولا من بنات الـخال والـخالة. وقوله: { وَامْرأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبِـيّ } يقول: وأحللنا له امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبـي بغير صداق، كما: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَامْرأةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبِـيّ } بغير صداق، فلـم يكن يفعل ذلك، وأحلّ له خاصة من دون الـمؤمنـين.

السابقالتالي
2 3 4