الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

يقول تعالـى ذكره: ظهرت الـمعاصي فـي برّ الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس ما نهاهم الله عنه. واختلف أهل التأويـل فـي الـمراد من قوله: { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } فقال بعضهم: عنى بـالبَرّ: الفلوات، { وبـالبحر }: الأمصار والقُرى التـي علـى الـمياه والأنهار. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عَثَّام، قال: ثنا النضْر بن عربـيّ، عن مـجاهدوَإذَا تَوَلَّـى سَعَى فِـي الأرْض لِـيُفْسِدَ فِـيها... } الآية، قال: إذا ولـي سعى بـالتعدّي والظلـم، فـيحبس الله القطر، فـيُهْلِكَ الـحَرْثَ والنَّسْلَ، وَاللّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ } قال: ثم قرأ مـجاهد: { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ... } الآية قال: ثم قال: أما والله ما هو بحرُكم هذا، ولكن كل قرية علـى ماء جار فهو بحر. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن النضْر بن عربـيّ، عن عكرمة { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } قال: أَمَا إنـي لا أقول بحرُكم هذا، ولكن كلّ قرية علـى ماء جار. قال: ثنا يزيد بن هارون، عن عمرو بن فَرُّوخ، عن حبـيب بن الزبـير، عن عكرمة { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } قال: إن العرب تسمي الأمصار بحراً. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ بِـمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ } قال: هذا قبل أن يَبعث الله نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم، امتلأت ضلالة وظلـماً، فلـما بعث الله نبـيه، رجع راجعون من الناس. قوله: { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } أما البرّ فأهل العمود، وأما البحر فأهل القُرَى والريف. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } قال: الذنوب، وقرأ { لِـيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا قرة، عن الـحسن، فـي قوله { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ بِـمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ } قال: أفسدهم الله بذنوبهم، فـي بحر الأرض وبرها، بأعمالهم الـخبـيثة. وقال آخرون: بل عُنِـي بـالبرّ: ظهر الأرض، الأمصار وغيرها، وبـالبحر البحر الـمعروف. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد { ظَهَر الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ }: قال: فـي البرّ: ابن آدم الذي قتل أخاه، وفـي البحر: الذي كان يأخذ كلّ سفـينة غصبـاً. حدثنـي يعقوب، قال: قال أبو بشر: يعنـي ابن عُلَـيّة، قال: سمعت ابن أبـي نـجيح، يقول فـي قوله { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ بِـمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ } قال: بقتل ابن آدم، والذي كان يأخذ كل سفـينة غصبـاً . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن فضيـل بن مرْزوق، عن عطية { ظَهَرَ الفَسادُ فِـي البَرّ والبَحْرِ } قال: قلت: هذا البرّ والبحر أيّ فساد فـيه؟ قال: فقال: إذا قلّ الـمطر، قل الغَوْص.

السابقالتالي
2